وأكن ، هذا مذهب أبي عليّ الفارسي. وقال القرطبي : عطفا على موضع الفاء لأنّ قوله : (فَأَصَّدَّقَ) لو لم تكن الفاء لكان مجزوما ، أي : أصدّق.
ثم زاد تعالى في الحث على المبادرة بالطاعات قبل الفوات بقوله تعالى مؤكدا لأجل عظم الرجاء من هذا المحتضر بالتأخير عاطفا على ما ، تقديره : فلا يؤخره الله فيفوته ما أراد : (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ) أي : الملك الأعظم الذي لا كفء له فلا اعتراض عليه (نَفْساً) أيّ نفس كانت ، وحقق الأجل بقوله تعالى : (إِذا جاءَ أَجَلُها) أي : وقت موتها الذي حدّه الله تعالى لها فلا يؤخر الله تعالى نفس هذا القائل ، لأنها من جملة النفوس التي شملها النفي.
وقرأ قالون والبزي وأبو عمرو بإسقاط الهمزة الأولى مع المدّ والقصر ، وقرأ ورش وقنبل بتسهيل الثانية بعد تحقيق الأولى ، ولهما أيضا إبدالها ألفا ، والباقون بتحقيقهما (وَاللهُ) أي : الذي له الإحاطة الشاملة علما وقدرة (خَبِيرٌ) أي : بالغ الخبرة والعلم ظاهرا وباطنا (بِما تَعْمَلُونَ) أي : توقعون عمله في الماضي والحال والمآل كله باطنه وظاهره.
وقرأ شعبة بالياء التحتية على الغيبة على الخبر عمن مات ، وقال هذه المقالة ، والباقون بالفوقية على الخطاب. وما قاله البيضاوي تبعا للزمخشري من أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «من قرأ سورة المنافقين برىء من النفاق» (١) حديث موضوع.
__________________
(١) ذكره الزمخشري في الكشاف ٤ / ٥٤٦.