قد قلدت وأشعرت فما أرى أن يصدّوا عن البيت.
ثم بعثوا إليه الحليس بن علقمة وكان يومئذ سيد الأحابيش. فلما رآه رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : إنّ هذا من قوم يتألهون فابعثوا بالهدي في وجهه حتى يراه فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده قد أكل أوتاده من طول الحبس عن محله رجع إلى قريش ولم يصل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إعظاما لما رأى فقال : يا معشر قريش إني قد رأيت ما لا يحل صدّه. الهدي في قلائده قد أكل أوتاده من طول الحبس عن محله.
قالوا له : اجلس فإنما أنت رجل أعرابيّ لا علم لك فغضب الحليس عند ذلك ، وقال : يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم ولا على هذا عاقدناكم أن تصدّوا عن بيت الله من جاءه معظما له والذي نفس الحليس بيده لتخلنّ بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد.
فقالوا : مه كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به فقام رجل يقال له مكرز ابن حفص. فقال : دعوني آته فقالوا له ائته فلما أشرف عليهم قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : هذا مكرز وهو رجل فاجر فجعل يكلم النبي صلىاللهعليهوسلم فبينما هو يكلمه إذ جاءه سهيل بن عمرو قال عكرمة : لما رآه النبي صلىاللهعليهوسلم قال : قد سهل لكم من أمركم قال الزهري في حديثه فجاء سهيل بن عمرو فقال : هات نكتب بيننا وبينك كتابا فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم علي بن أبي طالب فقال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل : أمّا الرحمن فلا أدري من هو ولكن اكتب باسمك اللهمّ كما كنت تكتب فقال المسلمون : والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم لعلي : اكتب باسمك اللهمّ. ثم قال : اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله. فقال سهيل : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت وما قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله.
قال الزهري : وذلك لقوله صلىاللهعليهوسلم : «لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها». فكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو واصطلحا على وضع الحرب عشر سنين يأمن الناس فيه ويكف بعضهم عن بعض فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : وعلى أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به فقال سهيل : والله لا تتحدّث العرب أنا أخذنا ضغطة ولكن ذاك من العام المقبل. فكتب فقال سهيل : وعلى أن لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا فقال المسلمون : سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما. وروى ابن إسحاق عن البراء قصة الصلح وفيها قالوا : لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئا ولكن أنت محمد بن عبد الله قال : أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله ثم قال لعلي : امح رسول الله فقال : والله لا أمحوك أبدا فقال فأرينه فأراه إياه فمحاه النبيّ صلىاللهعليهوسلم بيده.
وفي رواية فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم الكتاب وليس يحسن يكتب فكتب هذا ما قاضى محمد ابن عبد الله قال البراء : صالح على ثلاثة أشياء على أنّ من أتى من المشركين يردّه إليهم ومن أتاهم من المسلمين لم يردوه وعلى أن يدخلها من قابل ويقيم بها ثلاثة أيام ولا يدخلها بجلبان السلاح السيف والقوس ونحوه. وروي في صلح الحديبية طرق أخر في بعضها زيادات وفي بعضها نقصان عن بعض.