تَحْكُمُونَ) جواب القسم لأن معنى (أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا) أي : أقسمنا لكم.
(سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ (٤٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٤١) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ (٤٣) فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩) فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠) وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٥٢))
ولما عجب منهم وتهكم بهم ذيل ذلك بتهكم أعلى منه يكشف عوارهم غاية الكشف فقال تعالى : (سَلْهُمْ) يا أشرف الرسل (أَيُّهُمْ بِذلِكَ) أي : الأمر العظيم الذي يحكمون به لأنفسهم من أنهم يعطون في الآخرة أفضل من المؤمنين (زَعِيمٌ) أي : كفيل وضامن أو سيد أو رئيس أو متكلم بحق أو باطل التزم في ادعائه صحة ذلك.
(أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ) موافقون لهم في هذا القول يكفلونه لهم فإن كانوا كذلك (فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ) أي : الكافلين لهم به (إِنْ كانُوا صادِقِينَ) أي : عريقين في هذا الوصف كما يدعونه.
وقوله تعالى : (يَوْمَ) منصوب بقوله تعالى : (فَلْيَأْتُوا) أي : فليأتوا بشركائهم يوم (يُكْشَفُ) أي : يحصل الكشف فيه ، بني للمفعول لأن المخيف وقوع الكشف الذي هو كناية عن تفاقم الأمر وخروجه عن حدّ الطوق لا كونه من معين ، مع أنه من المعلوم أنه لا فاعل هناك غيره سبحانه وتعالى (عَنْ ساقٍ) أي : يشتدّ فيه الأمر غاية الاشتداد ، لأنّ من اشتدّ عليه الأمر وجد في فصله شمر عن ساقه لأجله وشمرت حرمه عن سوقهنّ غير محتشمات فهو كناية عن هذا ، ولذلك نكره تهويلا له وتعظيما ، نقل هذا التأويل عن ابن عباس وسعيد بن جبير وغيرهما ، وعن انكشاف جميع الخلائق وظهور الجلائل فيه والدقائق من الأهوال وغيرها ، كما كشفت هذه الآيات جميع الشبه ، فتركت السامع لها في مثل ضوء النهار ، ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار : اذكر فيكون على هذا مفعولا به وعلى الأول لا يوقف على صادقين.
تنبيه : علم مما تقرر أن كشف الساق كناية عن الشدة ، قال الراجز (١) :
عجبت من نفسي ومن إشفاقها |
|
ومن طرادي الطير عن أرزاقها |
في سنة قد كشفت عن ساقها |
|
حمراء تبرى اللحم عن عراقها |
وقال : الطائي (٢) :
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها |
|
وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا |
وقال : آخر (٣) :
قد شمرت عن ساقها فشدوا |
|
وجدّت الحرب بكم فجدّوا |
__________________
(١) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (عرق) ، وتاج العروس (عرق).
(٢) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(٣) البيت لم أجده.