يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. وقيل : الزرع محمد صلىاللهعليهوسلم والشطء : أصحابه والمؤمنون. وروى مبارك بن فضالة عن الحسن قال محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم والذين معه أبو بكر الصدّيق. أشدّاء على الكفار : عمر بن الخطاب. رحماء بينهم : عثمان بن عفان. تراهم ركعا سجدا : علي بن أبي طالب يبتغون فضلا من الله العشرة المبشرون بالجنة كمثل زرع محمد صلىاللهعليهوسلم أخرج شطأه أبو بكر فآزره عمر ، فاستغلظ عثمان يعني استغلظ عثمان بالإسلام ، فاستوى على سوقه علي بن أبي طالب رضي الله عنه استقام الإسلام بسيفه.
(يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) قال : المؤمنون (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) قول عمر لأهل مكة بعد ما أسلم : لا يعبد الله سرا بعد اليوم روى أنس بن مالك عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «أرحم أمّتي أبو بكر ، وأشدّهم في أمر الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأفرضهم زيد ، وأقرؤهم أبيّ ، وأعلمهم بالحرام والحلال معاذ ابن جبل ، ولكل أمّة أمين وأمين هذه الأمّة أبو عبيدة بن الجرّاح» (١) وفي رواية أخرى وأقضاهم علي وروى بريدة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «من مات من أصحابي بأرض كان نورهم وقائدهم يوم القيامة» (٢).
تنبيه : يعجب حال أي معجبا وهنا تم الكلام.
وقوله تعالى (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) فيه أوجه : أحدها : أنه متعلق بمحذوف دل عليه تشبيههم بالزرع في نمائهم وقوّتهم. قال الزمخشري : أي شبههم الله تعالى بذلك ليغيظ. ثانيها : أنه متعلق بما دل عليه قوله تعالى (أَشِدَّاءُ) متعلق على الكفار الخ أي : جعلهم بهذه الصفات ليغيظ. ثالثها : أنه متعلق بقوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ) أي : الملك الأعظم (الَّذِينَ آمَنُوا) لأنّ الكفار إذا سمعوا بعزة المؤمنين في الدنيا وما أعدّ الله لهم في الآخرة غاظهم ذلك. وقوله تعالى : (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) فيه إشارة إلى تصديق دعواهم ومن في قوله تعالى : (مِنْهُمْ) للبيان لا للتبعيض لأنهم كلهم كذلك فهي كقوله تعالى : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) [الحج : ٣٠] ولما كان الإنسان وإن اجتهد مقصرا عما يجب لله تعالى من العبادة. أشار إلى ذلك بقوله تعالى : (مَغْفِرَةً) أي : لما يقع منهم من الذنوب والهفوات (وَأَجْراً عَظِيماً) بعد ذلك الستر وهو الجنة. وهما أيضا لمن بعدهم ممن يأتي.
فائدة : قد جمعت هذه الآية الخاتمة لهذه السورة جميع حروف المعجم وفي ذلك بشارة تلويحية مع ما فيها من البشائر التصريحية باجتماع أمرهم وعلوّ نصرهم رضي الله عنهم وحشرنا معهم نحن ووالدينا ومحبينا وجميع المسلمين بمنه وكرمه.
قال : وهذا آخر القسم الأوّل من القرآن ، وهو المطوّل وقد ختم كما ترى بسورتين هما في الحقيقة للنبيّ صلىاللهعليهوسلم وحاصلهما : الفتح بالسيف والنصر على من قاتله ظاهرا. كما ختم القسم الثاني المفصل بسورتين هما : نصره له صلىاللهعليهوسلم بالحال على من قصده بالضر باطنا وما رواه البيضاوي تبعا للزمخشري من أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «من قرأ سورة الفتح فكأنما كان ممن شهد مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتح مكة» (٣) حديث موضوع. وقال ابن عادل : روي أنّ من قرأ في أوّل ليلة من رمضان (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) في التطوّع حفظ في ذلك العام ولم أره لغيره ا. ه.
__________________
(١) أخرجه الترمذي في المناقب حديث ٢٧٩٠ ، وابن ماجه في المقدمة حديث ١٥٥.
(٢) أخرجه بنحوه المتقي الهندي في كنز العمال ٣٢٥١٥ ، والعجلوني في كشف الخفاء ٢ / ٣٨٧ ، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ١ / ٢٦٥.
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف ٤ / ٣٥٠.