الضحاك : ما بعث نبي إلا ومعه ملائكة يحرسونه من الشياطين أن يتشبهوا بصورة الملك.
(لِيَعْلَمَ) أي : الله علم ظهور كقوله تعالى : (حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ) [محمد : ٣١](أَنْ) مخففة من الثقيلة ، أي أنه (قَدْ أَبْلَغُوا) أي : الرسل (رِسالاتِ رَبِّهِمْ) وحد أوّلا على اللفظ في قوله تعالى (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) ثم جمع على المعنى كقوله تعالى : (فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها) [التوبة : ٦٣] ، والمعنى ليبلغوا رسالات ربهم كما هي محروسة من الزيادة والنقصان. وقيل : ليعلم محمد صلىاللهعليهوسلم أن جبريل قد بلغ رسالات ربه. وقيل : ليعلم محمد صلىاللهعليهوسلم أنّ الرسل قد بلغوا رسالات ربهم.
(وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ) أي : بما عند الرسل من الحكم والشرائع لا يفوته منها شيء ولا ينسى منها حرفا ، فهو مهيمن عليها حافظ لها (وَأَحْصى) أي : الله سبحانه وتعالى (كُلَّ شَيْءٍ) أي : من القطر والرمل وورق الأشجار وزبد البحر وغير ذلك (عَدَداً) ولو على أقل المقادير الذرّ فيما لم يزل وفيما لا يزال فكيف لا يحيط بما عند الرسل من وحيه وكلامه؟ وقال ابن جبير رضي الله عنه : ليعلم الرسل أنّ ربهم قد أحاط بما لديهم فيبلغوا رسالاته.
تنبيه : هذه الآية تدل على أنه تعالى عالم بالجزئيات وبجميع الموجودات.
و (عَدَداً) يجوز أن يكون تمييزا منقولا من المفعول به ، والأصل أحصى عدد كل شيء كقوله تعالى : (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) [القمر : ١٢] أي : عيون الأرض ، وأن يكون منصوبا على الحال ، أي : وضبط كل شيء معدودا محصورا وأن يكون مصدرا في معنى الإحصاء.
وقول البيضاوي تبعا للزمخشري : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «من قرأ سورة الجنّ كان له بعدد كل جني صدّق محمدا وكذب به عتق رقبة» (١) حديث موضوع.
__________________
(١) ذكره الزمخشري في الكشاف ٤ / ٦٣٥.