مثل ذلك» (١) حديث غريب. وحكى القشيري عن عمر أنّ الشاهد يوم الأضحى. وقال ابن المسيب : الشاهد يوم التروية ، والمشهود يوم عرفة. وروي عن علي : الشاهد يوم عرفة والمشهود يوم النحر. وقال مقاتل : أعضاء الإنسان هي الشاهد لقوله تعالى : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ) [النور : ٢٤] الآية. وقال الحسين بن الفضل : الشاهد هذه الأمة والمشهود سائر الأمم لقوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) [البقرة : ١٤٣] الآية. وقيل : الشاهد محمد صلىاللهعليهوسلم لقوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً) [الأحزاب : ٤٥] وقيل : آدم. وقيل : الحفظة الشاهد والمشهود أولاد آدم ، وقيل : غير ذلك وكل ذلك صحيح.
واختلف في جواب القسم فقال الجلال المحلي : جواب القسم محذوف صدره أي : لقد (قُتِلَ) أي : لعن (أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) وقال الزمخشري : محذوف ويدل عليه قوله : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) وكأنه قيل : أقسم بهذه الأشياء أنهم ملعونون يعني : كفار قريش كما لعن أصحاب الأخدود ، فإنّ السورة وردت لتثبيت المؤمنين على أذاهم وتذكيرهم بما جرى على من قبلهم. واستظهر هذا البيضاوي. والأخدود : هو الشق المستطيل في الأرض كالنهر ، وجمعه أخاديد ، واختلف فيهم فعن صهيب أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر قال للملك : إني قد كبرت فابعث إليّ غلاما أعلمه السحر ، فبعث إليه غلاما ، وكان في طريقه إذا سلك إليه راهب فقعد إليه ، وسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتى الساحر مرّ بالراهب فقعد إليه ، فإذا أتى الساحر ضربه وإذا رجع قعد إلى الراهب وسمع كلامه ، فإذا أتى أهله ضربوه فشكا إلى الراهب فقال : إذا خشيت الساحر فقل : حبسني أهلي ، وإذا خشيت أهلك فقل : حبسني الساحر ،. فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال : اليوم أعلم الراهب أفضل أم الساحر فأخذ حجرا ثم قال : اللهمّ إن كان أمر الراهب أحبّ إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى تمضي الناس فرماها فقتلها فمضى الناس فأتى الراهب فأخبره ، فقال له الراهب : أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى ، وإنك ستبلى فإن ابتليت فلا تدل عليّ فكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس من سائر الأدواء ، فسمع جليس الملك وكان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال : هذا لك أجمع إن أنت شفيتني ، فقال : إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله فإن آمنت به دعوت الله تعالى فشفاك فآمن بالله فشفاه الله تعالى ، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك : من ردّ عليك بصرك؟ قال : ربي. قال : ربك رب غيري؟ قال : ربي وربك الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام ، فجيء بالغلام فقال له الملك : أي بنيّ قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل ، قال : إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب ، فجيء بالراهب فقال : ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ، ثم جيء بجليس الملك فقيل له : ارجع عن دينك فأبى ففعل به كالراهب ، ثم جيء بالغلام فقيل له : ارجع عن دينك فأبى ، فدفعه إلى نفر من أصحابه وقال : اذهبوا إلى جبل كذا فاصعدوا به ، فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه فذهبوا به
__________________
(١) أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال ٤٣١٦١ ، والقرطبي في تفسيره ١٢ / ٣٥٣ ، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٢ / ٣٠٣.