إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك ، فأصبح دينك أحبّ الدين إليّ. والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك ، فقد أصبح بلدك أحبّ البلاد إليّ. وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأمره أن يعتمر. فلمّا قدم مكة ، قال له قائل : صبوت قال : لا ، ولكن أسلمت مع محمد صلىاللهعليهوسلم (١).
وعن عمران بن حصين قال : أسر أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلا من عقيل فأوثقوه وكانت ثقيف قد أسرت رجلين من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ففداه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالرجلين اللذين أسرتهما ثقيف (٢).
قوله تعالى : (ذلِكَ) يجوز أن يكون خبر مبتدإ مضمر ، أي : الأمر ذلك وأن ينتصب بإضمار افعلوا قال الرازي : ويحتمل أن يقال : ذلك واجب. أو مقدّم كما يقول القائل إن فعلت فذاك. أي : فذاك مقصود ومطلوب ، قال المفسرون : ومعناه ذلك الذي ذكرت وبينت من حكم الكفار. (وَلَوْ يَشاءُ اللهُ) أي : الملك الأعظم الذي له جميع الكمال (لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ) أي : بنفسه من غير أحد انتصارا عظيما ، فيهلكهم بأن لا يبقي منهم أحدا وكفاكم أمرهم بغير قتال.
(وَلكِنْ) أمركم بذلك (لِيَبْلُوَا) أي يختبر (بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) أي يفعل في ذلك فعل المختبر ، ليرتب عليه الجزاء فيصير من قتل من المؤمنين إلى الجنة ومن قتل من الكافرين إلى النار.
فإن قيل : فما فائدة الابتلاء مع حصول العلم عند المبتلي ، فإذا كان الله تعالى عالما بجميع الأشياء فأي فائدة فيه؟ أجيب : بأن هذا السؤال كقول القائل : لم عاقب الكافر وهو مستغن؟ ولم خلق النار محرقة وهو قادر على أن يخلقها بحيث تنفع ولا تضرّ؟ وجوابه : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) [الأنبياء : ٢٣]. ونزل يوم أحد لما فشا في المسلمين القتل والجراحات (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي : لأجل تسهيل طريق الملك الأعظم المتصف بجميع صفات الكمال (فَلَنْ يُضِلَ) أي : لا يضيع ولا يبطل (أَعْمالَهُمْ) وقرأ أبو عمرو وحفص : بضم القاف وكسر التاء مبنيا للمفعول على معنى أنه أصاب القتل بعضهم كقوله تعالى (قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ) [آل عمران : ١٤٦] والباقون بفتح القاف والتاء وألف بينهما أي جاهدوا.
(سَيَهْدِيهِمْ) أي أيام حياتهم في الدنيا إلى أرشد الأمور ، وفي الآخرة إلى الدرجات بوعد لا خلف فيه (وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) أي يرضي خصماءهم ، ويقبل أعمالهم (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ) أي : الكاملة في النعيم (عَرَّفَها) أي : أعلمها ، وبينها (يُدْخِلُهُمُ) أي : بما يعلم به كل أحد منزلته ودرجته من الجنة قال مجاهد : يهتدي أهل الجنة إلى مساكنهم منها لا يخطئون كأنهم كانوا سكانها منذ خلقوا ، يستدلون عليها وعن مقاتل : أنّ الملك الذي وكل بحفظ عمله في الدنيا يمشي بين يديه فيعرفه كل شيء أعطاه الله تعالى وعن ابن عباس رضي الله عنهما : عرفها لهم : طيبها مشتق من العرف وهو الريح الطيبة يقال طعام معرف أي : مطيب. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أي : أقرّوا بذلك (إِنْ تَنْصُرُوا
__________________
(١) أخرجه البخاري في الخصومات حديث ٢٤٢٢ ، والمغازي حديث ٤٣٧٢ ، ومسلم في الجهاد حديث ١٧٦٤ ، وأبو داود في الجهاد حديث ٢٦٧٩.
(٢) أخرجه مسلم في النذر حديث ١٦٤١ ، وأبو داود في الأيمان حديث ٢٣١٦.