وقوله تعالى : (إِلَّا مَنْ تَوَلَّى) استثناء منقطع ، أي : لكن من تولى عن الإيمان (وَكَفَرَ ،) أي : بالقرآن.
(فَيُعَذِّبُهُ اللهُ ،) أي : الذي له الكمال كله بسبب تكبره عن الحق ومخالفته لأمرك (الْعَذابَ الْأَكْبَرَ ،) أي : عذاب الآخرة لأنهم عذبوا في الدنيا بالجوع والقحط والقتل والأسر. وقيل : استثناء متصل فإنّ جهاد الكفار وقتلهم تسليط فكأنه أوعدهم بالجهاد في الدنيا وعذاب النار في الآخرة وقيل : هو استثناء من قوله تعالى : (فَذَكِّرْ) إلا من انقطع طمعك من إيمانه ، وتولى فاستحق العذاب الأكبر وما بينهما اعتراض.
(إِنَّ إِلَيْنا ،) أي : خاصة بما لنا من العظمة (إِيابَهُمْ ،) أي : رجوعهم بعد البعث.
(ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا ،) أي : خاصة بما لنا من القدرة والتنزه عن نقص العيب والجور وكل نقص لا على غيرنا (حِسابَهُمْ ،) أي : جزاءهم فلا نتركه أبدا ، وفي هذا تسلية للنبيّ صلىاللهعليهوسلم فإنه كان يشق عليه تكذيبهم.
فإن قيل : ما معنى تقديم الظرف؟ أجيب : بأنّ معناه التشديد في الوعيد ، وأنّ إيابهم ليس إلا إلى الجبار المقتدر على الانتقام ، وأنّ حسابهم ليس إلا عليه وهو الذي يحاسب على النقير والقطمير. وقول البيضاوي تبعا للزمخشري : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «من قرأ الغاشية حاسبه الله حسابا يسيرا» (١) حديث موضوع.
__________________
(١) ذكره الزمخشري في الكشاف ٤ / ٧٤٨.