معه في عبادته ، ولا من البر بأبيهم إبراهيم عليهالسلام الذي دعا لهم بالرزق بقوله عليهالسلام : (وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ) [إبراهيم : ٣٧] ونهى أشدّ النهي عن عبادة الأصنام ولم يقل أشبعهم لأنه ليس كلهم كان يشبع ولأنّ من كان يشبع منهم طالب لأكثر مما هو عنده ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب (وَآمَنَهُمْ) أي : تخصيصا لهم (مِنْ خَوْفٍ) أي : شديد جدّا من أصحاب الفيل الذين أرادوا خراب البيت الذي به نظامهم ، وما ينال من حولهم من التخطف بالقتل والنهب والغارات ، ومن الجذام بدعوة أبيهم إبراهيم عليهالسلام ، ومن الطّاعون والدخان بتأمين النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
وعن ابن زيد : كانت العرب يغير بعضها على بعض ، ويسبي بعضهم بعضا فأمنت قريش ذلك لمكان الحرم. وقيل : شق عليهم السفر في الشتاء والصيف فألقى الله تعالى في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم طعاما في السفن ، فحملوا فخافت قريش منهم وظنوا أنهم قدموا لحربهم ، فخرجوا إليهم متحرزين فإذا هم قد جلبوا إليهم الطعام وأعانوهم بالأقوات ، فكان أهل مكة يخرجون إلى جدّة بالإبل والحمر فيشترون الطعام على مسيرة ليلتين. وقيل : إنّ قريشا لما كذبوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم دعا عليهم فقال : «اللهم اجعلها عليهم سنين كسنين يوسف» (١) فاشتدّ القحط فقالوا : يا محمد ، ادع الله لنا فإنا مؤمنون. فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخصبت تبالة وجرش من بلاد اليمن فحملوا الطعام إلى مكة وأخصب أهلها». وقال الضحاك والربيع في قوله تعالى : (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ،) أي : من خوف الحبشة. وقال عليّ : (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) أن تكون الخلافة إلا فيهم. قال الزمخشريّ : من بدع التفاسير (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) أن تكون الخلافة في غيرهم ا ه. لكن إن ثبت ذلك عن علي كرم الله وجهه فليس كما قال وقيل : كفاهم أخذ الإيلاف من الملوك. وقول البيضاوي تبعا للزمخشري عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ سورة لإيلاف قريش أعطاه الله عشر حسنات بعدد من طاف بالكعبة واعتكف بها» (٢) حديث موضوع.
__________________
(١) أخرجه البخاري في الاستسقاء حديث ١٠٠٦ ، ومسلم في القيامة حديث ٢٧٩٨ ، والترمذي في تفسير القرآن حديث ٣٢٥٤ ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٣٩ ، ٢٥٥ ، ٢٧٠ ، ٤١٨ ، ٤٧٠ ، ٥٠٢ ، ٥٢١.
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف ٤ / ٨٠٨.