تنبيه : احتج أهل السنة على تكليف ما لا يطاق بأنه تعالى كلف أبا لهب بالإيمان بتصديق الله تعالى في كل ما أخبر عنه أنه لا يؤمن من أهل النار ، فإنه قد صار مكلفا بأن يؤمن بأنه لا يؤمن ، وهذا تكليف بالجمع بين النقيضين وهو محال وذلك مذكور في أصول الفقه. وقد تضمنت هذه الآيات الأخبار عن الغيب بثلاثة أوجه :
أحدها : الإخبار عنه بالتباب والخسران وقد كان ذلك.
ثانيها : الإخبار عنه بعدم الانتفاع بماله وولده وقد كان ذلك.
ثالثها : الإخبار عنه بأنه من أهل النار وقد كان ذلك ، لأنه مات على الكفر هو وامرأته ففي ذلك معجزة للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وامرأته خنقها الله تعالى بحبلها كما مرّ ، وأبو لهب رماه الله تعالى بالعدسة بعد وقعة بدر بسبع ليال فمات ، وأقام ثلاثة أيام لا يدفن حتى أنتن ثم إنّ ولده غسله بالماء قذفا من بعيد مخافة عدوى العدسة وكانت قريش تتقيها كما تتقي الطاعون ، ثم احتملوه إلى أعلى مكة وأسندوه إلى جدار ثم رضموا عليه الحجارة. وقيل : إنّ الله تعالى يدخل امرأته جهنم على الصورة التي كانت عليها حين كانت تحمل حزمة الحطب ، ولا تزال على ظهرها حزمة من حطب النار من أصل شجرة الزقوم ، أو من الضريع وفي جيدها حبل من مسد من سلاسل النار ، كما يعذب كل مجرم بما يجانس حاله في جرمه.
وقول البيضاوي تبعا للزمخشري عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ سورة تبت رجوت أن لا يجمع الله بينه وبين أبي لهب في دار واحدة» (١). حديث موضوع.
__________________
(١) ذكره الزمخشري في الكشاف ٤ / ٨٢٢.