الآية ، وقال السّدّيّ : أرادوا أنه / أحياهم في الدنيا ، ثم أماتهم ، ثم أحياهم في القبر وقت السّؤال ، ثم أماتهم فيه ، ثم أحياهم في الحشر (١) ، قال* ع (٢) * : هذا فيه الإحياء ثلاث مرار ، والأول أثبت ، وهذه الآية متّصلة المعنى بالتي قبلها ، وبعد قولهم : (فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) محذوف يدلّ عليه الظاهر ، تقديره : لا إسعاف لطلبتكم ، أو نحو هذا من الردّ.
(ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (١٢) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً وَما يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَنْ يُنِيبُ (١٣) فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ)(١٤)
وقوله تعالى : (ذلِكُمْ) يحتمل أن يكون إشارة إلى العذاب الذي هم فيه ، أو إلى مقتهم أنفسهم أو إلى المنع والزّجر والإهانة.
وقوله تعالى : (ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ) معناه بحالة توحيد ونفي لما سواه ، كفرتم ، وإن يشرك به اللّات والعزّى وغيرهما ، صدّقتم ، فالحكم اليوم بعذابكم وتخليدكم في النار لله ؛ لا لتلك التي كنتم تشركونها معه في الألوهيّة.
وقوله سبحانه : (فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ...) الآية مخاطبة للمؤمنين أصحاب نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم و «ادعوا» معناه : اعبدوا.
(رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (١٥) يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (١٦) الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٧) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ)(١٨)
وقوله تعالى : (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ) يحتمل أن يريد بالدرجات صفاته العلى ، وعبّر بما يقرب من أفهام السامعين ، ويحتمل أن يريد : رفيع الدرجات التي يعطيها للمؤمنين ، ويتفضّل بها على عباده المخلصين في جنّته ، و (الْعَرْشِ) هو الجسم المخلوق الأعظم الذي السموات السّبع والكرسيّ والأرضون فيه كالدنانير في الفلاة من الأرض.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٤٥) برقم : (٣٠٢٩٦) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٩٣) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٥٤٩) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٧٣)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٥٤٩)