يقول لهم : (إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) (١).
(لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٨) أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (٧٩) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (٨٠) قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (٨١) سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ(٨٢) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ)(٨٣)
وقوله سبحانه : (لَقَدْ جِئْناكُمْ) يحتمل أن يكون من تمام قول مالك لهم ، ويحتمل أن يكون من قول الله تعالى لقريش ، فيكون فيه تخويف فصيح بمعنى : انظروا كيف يكون حالكم؟!.
وقوله تعالى : (أَمْ / أَبْرَمُوا أَمْراً) أي : أحكموا أمرا في المكر بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم (فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) أي : محكمون أمرا في نصره ومجازاتهم ، والمراد ب «الرسل» هنا : الحفظة من الملائكة يكتبون أعمال العباد ، وتعدّ للجزاء يوم القيامة.
«واختلف في قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) فقال مجاهد : المعنى إن كان لله ولد في قولكم ، فأنا أوّل من عبد الله ووحّده وكذّبكم (٢) ، وقال ابن زيد وغيره : «إن» : نافية بمعنى «ما» ؛ فكأنّه قال : قل ما كان للرحمن ولد (٣) ، وهنا هو الوقف على هذا التأويل ، ثم يبتدىء قوله : (فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) قال أبو حاتم قالت فرقة : العابدون في الآية : من عبد الرجل : إذا أنف وأنكر ، والمعنى : إن كان للرحمن ولد في قولكم ، فأنا أوّل الآنفين المنكرين لذلك ، وقرأ أبو عبد الرحمن : «فأنا أوّل العبدين» قال أبو حاتم : العبد ـ بكسر الباء ـ : الشديد الغضب ، وقال أبو عبيدة : معناه : أول الجاحدين (٤) ، والعرب تقول : عبدني حقّي ، أي : جحدني ، وباقي الآية تنزيه لله سبحانه ، ووعيد للكافرين ، و (يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) هو يوم القيامة ، هذا قول الجمهور ، وقال عكرمة وغيره : هو يوم بدر (٥).
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٢١٣) برقم : (٣٠٩٩١) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٦٤)
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٢١٥) برقم : (٣١٠٠٦) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٥ / ٦٥) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ١٣٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٧٣٥) ، وعزاه إلى عبد الرزاق ، وعبد بن حميد.
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ٢١٥) برقم : (٣١٠٠٩) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٦٥)
(٤) ذكره ابن عطية (٥ / ٦٦)
(٥) ذكره ابن عطية (٥ / ٦٦)