(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٨٤) وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٥) وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧) وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (٨٨) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)(٨٩)
وقوله جلّت عظمته : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ ...) الآية ، آية تعظيم وإخبار بألوهيّته سبحانه ، أي : هو النافذ أمره في كلّ شيء ، وقرأ عمر بن الخطّاب ، وأبيّ ، وابن مسعود ، وغيرهم (١) : «وهو الّذي في السّماء الله وفي الأرض الله» وباقي الآية بيّن ، ثم [أعلم سبحانه] أنّ من عبد من دون الله لا يملك شفاعة يوم القيامة ، إلّا من شهد بالحق ، وهم الملائكة ، وعيسى / وعزير ؛ فإنّهم يملكون الشفاعة ؛ بأن يملّكها الله إيّاهم ؛ إذ هم ممّن شهد بالحقّ ، وهم يعلمونه ، فالاستثناء على هذا التأويل متّصل ، وهو تأويل قتادة (٢) ، وقال مجاهد وغيره : الاستثناء في المشفوع فيهم (٣) ، فكأنّه قال : لا يشفع هؤلاء الملائكة ، وعيسى ، وعزير إلّا فيمن شهد بالحق ، أي : بالتوحيد فآمن على علم وبصيرة ، فالاستثناء على هذا التأويل منفصل ، كأنّه قال : لكن من شهد بالحقّ ؛ فيشفع فيهم هؤلاء ، والتأويل الأوّل أصوب ، وقرأ الجمهور : «وقيله» بالنصب (٤) ، وهو مصدر ؛ كالقول ، والضّمير فيه لنبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم ، واختلف في الناصب له ، فقالت فرقة : هو معطوف على قوله : (سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ) ولفظ البخاريّ (وَقِيلِهِ يا رَبِ) : تفسيره : أيحسبون أنّا لا نسمع سرّهم ونجواهم [و] لا نسمع قيله يا ربّ ، انتهى ، وقيل : العامل فيه (يَكْتُبُونَ) ونزل قوله تعالى : (وَقِيلِهِ يا رَبِ) بمنزلة شكوى محمّد* ع* واستغاثته من كفرهم وعتوّهم ، وقرأ حمزة وعاصم : «وقيله» بالخفض (٥) ؛ عطفا على الساعة.
__________________
(١) وقرأ بها علي ويحيى بن يعمر ، واليماني.
ينظر : «مختصر الشواذ» ص : (١٣٧) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٦٦) ، وزاد نسبتها إلى جابر بن زيد ، وأبي الشيخ ، والحكم بن أبي العاصي ، وبلال بن أبي بردة ، وابن السميفع. وزاد أبو حيان (٨ / ٢٩) : عمر بن عبد العزيز ، وحميد ، وابن مقسم ، وهي في «الدر المصون» (٦ / ١٠٩)
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٢١٨) برقم : (٣١٠١٩) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٦٦)
(٣) ذكره ابن عطية (٥ / ٦٦)
(٤) وقرأ برفعه الأعرج ، وأبو قلابة ، ومجاهد.
ينظر : «المحتسب» (٢ / ٢٥٨) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٦٧) ، و «البحر المحيط» (٨ / ٣٠) ، وزاد نسبتها إلى الحسن ، وقتادة ، ومسلم بن جندب.
وينظر : «الدر المصون» (٦ / ١١٠) ، وقراءة السبعة ستأتي.
(٥) وقرأ الباقون بالنصب. قال السمين ، وأما قراءة النصب ففيها ثمانية أوجه : ـ