(أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧) وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (٣٨) ما خَلَقْناهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٩) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٠) يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤١) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)(٤٢)
وقوله سبحانه : (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ...) الآية ، آية تقرير ووعيد ، و (تُبَّعٍ) : ملك حميريّ ، وكان يقال لكل ملك منهم : «تبّع» إلّا أنّ المشار إليه في هذه الآية رجل صالح ؛ روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم من طريق سهل بن سعد «أنّ تبّعا هذا أسلم وآمن بالله» (١) ، وقد ذكره ابن إسحاق في السيرة ، قال السّهيليّ : وبعد ما غزا تبّع المدينة ، وأراد خرابها أخبر بأنّها مهاجر نبيّ اسمه أحمد ، فانصرف عنها ، وقال فيه شعرا وأودعه عند أهلها ، فكانوا يتوارثونه كابرا عن كابر ، إلى أن هاجر إليهم النبي* ع* فأدّوه إليه ، ويقال : إنّ الكتاب والشعر [كانا] عند أبي أيوب الأنصاريّ [ومنه] : [من المتقارب]
شهدت على أحمد أنّه |
|
رسول من الله باري النسم |
فلو مدّ عمري إلى عمره |
|
لكنت وزيرا له وابن عمّ (٢) |
وذكر الزّجّاج (٣) ، وابن أبي الدنيا : أنّه حفر قبر ب «صنعاء» في الإسلام ، فوجد فيه امرأتان صحيحتان ، وعند رأسهما لوح من فضّة مكتوب فيه بالذّهب : هذا قبر حبّى ولميس ، ويروى : وتماضر ابنتي تبّع ، ماتتا وهما تشهدان أن لا إله إلّا الله ، ولا تشركان به شيئا ، وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما ، انتهى ، و (يَوْمَ الْفَصْلِ) : هو يوم القيامة وهذا هو الإخبار بالبعث ، و «المولى» في هذه الآية : يعمّ جميع الموالي.
(إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)(٤٩)
وقوله سبحانه : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ) روي عن ابن زيد ؛ أنّ الأثيم
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٧٤٩) ، وعزاه إلى الطبراني ، وابن مردويه.
(٢) وبعدها :
وجاهدت بالسيف أعداءه |
|
وفرّجت عن صدره كلّ هم |
ينظر : «الروض الأنف» (١ / ٣٥)
(٣) ينظر : «معاني القرآن» (٤ / ٤٢٧)