المشار إليه أبو جهل ، ثم هي بالمعنى تتناول كلّ أثيم ، وهو كلّ فاجر ، روي أنّها لمّا نزلت ، جمع أبو جهل عجوة وزبدا ، وقال لأصحابه : تزقّموا ، فهذا هو الزّقّوم ، وهو طعامي الذي حدّث به محمّد ، قال* ع (١) * : وإنّما قصد بذلك ضربا من المغالطة والتلبيس على الجهلة.
وقوله سبحانه : (كَالْمُهْلِ) قال ابن عبّاس ، وابن عمر (٢) : «المهل» : درديّ الزّيت وعكره ، وقال ابن مسعود وغيره (٣) : «المهل» : ما ذاب من ذهب أو فضّة ، والمعنى : أنّ هذه الشجرة إذا طعمها الكافر في جهنّم ، صارت في جوفه تفعل كما يفعل المهل المذاب من الإحراق والإفساد ، ، و (الْحَمِيمِ) : الماء السّخن الذي يتطاير من غليانه.
وقوله : (خُذُوهُ ...) الآية ، أي : يقال يومئذ للملائكة : خذوه ، يعني الأثيم (فَاعْتِلُوهُ) و «العتل» : السّوق بعنف وإهانة ، ودفع قويّ متّصل ، كما يساق أبدا مرتكب الجرائم ، و «السّواء» : الوسط ، وقيل : المعظم ، وذلك متلازم.
وقوله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) مخاطبة على معنى التّقريع.
(إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (٥٠) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (٥١) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢) يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ (٥٣) كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ)(٥٤)
وقوله سبحانه : (إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) : عبارة عن قول يقال للكفرة ، ثم ذكر تعالى حالة المتّقين ، فقال : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ) أي : مأمون ، «والسّندس» : رقيق الحرير ، و «الإستبرق» : خشنه.
وقوله : (مُتَقابِلِينَ) : وصف لمجالس أهل الجنّة ، لأنّ بعضهم لا يستدبر بعضا في المجالس ، وقرأ الجمهور : (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) وقرأ ابن مسعود : «بعيس عين» ، وهو جمع «عيساء» ، وهي البيضاء (٤) ؛ وكذلك هي من النوق ، وروى أبو قرصافة عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «إخراج القمامة من المسجد مهور الحور العين» قال الثعلبيّ : قال مجاهد : يحار
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٧٦)
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٢٤٣ ـ ٢٤٤) برقم : (٣١١٥٢ ـ ٣١١٥٥) عن ابن عبّاس ، وذكره ابن عطية (٥ / ٧٦)
(٣) أخرجه الطبري (٨ / ٢١٨) برقم : (٢٣٠٤٠) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٧٦)
(٤) ينظر : «مختصر الشواذ» ص : (١٣٨) ، و «المحتسب» (٢ / ٢٦١) ، و «الكشاف» (٤ / ٢٨٣) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٧٨)