والمخصوص بالمدح محذوف ، أي : فلنعم المجيبون نحن ، انتهى.
(وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ (٧٧) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (٧٩) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (٨١) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ)(٨٢)
وقوله تعالى : (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) قال ابن عبّاس وقتادة : أهل الأرض كلّهم من ذرية نوح (١) ، وقالت فرقة : إنّ الله تعالى أبقى ذرية نوح ومدّ نسله ، وليس الأمر بأنّ أهل الدّنيا انحصروا إلى نسله ، بل في الأمم من لا يرجع إليه ، والأول أشهر عن علماء الأمّة ، وقالوا : نوح هو آدم الأصغر ، قال السّهيليّ : ذكر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال في قوله ـ عزوجل ـ : (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) : [إنّهم] سام وحام ويافث (٢) ، انتهى.
وقوله تعالى : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) معناه : ثناء حسنا جميلا باقيا آخر الدّهر ؛ قاله ابن عبّاس وغيره (٣) ، و (سَلامٌ) رفع بالابتداء مستأنف ، سلّم الله به عليه ليقتدي بذلك البشر.* ت* : قال أبو عمر في «التمهيد» : قال سعيد ـ يعني : ابن عبد الرحمن الجمحيّ ـ : بلغني أنه من قال حين يمسي : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) لم تلدغه عقرب ، ذكر هذا عند قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم للأسلميّ الذي لدغته عقرب : «أما لو أنّك قلت حين أمسيت : أعوذ بكلمات الله التّامّات من شرّ ما خلق لم تضرّك إن شاء الله» (٤) ، قال أبو
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٤٩٨) برقم : (٢٩٤٢٠) عن قتادة ، وبرقم : (٢٩٤٢١) عن ابن عبّاس ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٧٧) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ١٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٥٢٤) ، كلهم عن ابن عبّاس ، وقتادة ، وعزاه السيوطي لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة ، ولابن المنذر عن ابن عبّاس.
(٢) أخرجه الترمذي في «سننه» (٥ / ٣٦٥) ، كتاب «تفسير القرآن» باب : ومن سورة الصافات برقم :
(٣٢٣٠) ، والطبري (١٠ / ٤٩٧) برقم : (٢٩٤١٩) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٥٢٤) ، وعزاه إلى ابن أبي حاتم ، وابن مردويه.
قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سعيد بن بشير.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٤٩٨) برقم : (٢٩٤٢٢) عن ابن عبّاس ، وبرقم : (٢٩٤٢٤) عن قتادة ، وذكره ابن عطية (٤ / ٤٧٧) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ١٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٥٢٤) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة ، ولابن المنذر عن ابن عبّاس.
(٤) هذا الحديث روي من طريق أبي هريرة ، وخولة بنت حكيم ، وعمرو بن العاص ، وسهيل بن أبي صالح عن أبيه.
أما طريق أبو هريرة : أخرجه مسلم (٤ / ٢٨١) «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار» ، باب : في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره ، برقم : (٢٧٠٩) ، وأبو داود (٢ / ٤٠٦) كتاب «الطب» باب : كيف الرقى ، برقم : (٣٨٩٩) ، وابن حبان (٧ / ٣٨٦) ـ الموارد برقم : (٢٣٦٠) ولم يذكر نبأ الأسلميّ ،