وقوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ) قال ابن عبّاس وغيره : الضمير عائد على نوح (١) ، والمعنى : في الدين والتّوحيد ، وقال الطبريّ وغيره عن الفرّاء : الضمير عائد على محمّد ، والإشارة إليه.
وقوله : (أَإِفْكاً) استفهام بمعنى التقرير ، أي : أكذبا ومحالا ، (آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ).
وقوله : (فَما ظَنُّكُمْ) توبيخ وتحذير وتوعّد.
(فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ)(٩٠)
وقوله تعالى : (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ) روي أنّ قومه كان لهم عيد يخرجون إليه فدعوا إبراهيم* ع* إلى الخروج معهم ، فنظر حينئذ ، واعتذر بالسّقم ، وأراد البقاء ليخالفهم إلى الأصنام ، وروي أنّ علم النجوم كان عندهم منظورا فيه مستعملا ؛ فأوهمهم هو من تلك الجهة ، قالت فرقة : وقوله : (إِنِّي سَقِيمٌ) من المعاريض الجائزة.
(فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٩١) ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ (٩٢) فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (٩٣) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (٩٤) قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٩٦) قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨) وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)(١٠٢)
وقوله تعالى : (فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ) «راغ» معناه : مال.
وقوله : (أَلا تَأْكُلُونَ) هو على جهة الاستهزاء بعبدة تلك الأصنام ، ثم مال عند ذلك إلى ضرب / تلك الأصنام بفأس حتّى جعلها جذاذا ، واختلف في معنى قوله : (بِالْيَمِينِ) فقال ابن عبّاس : أراد يمنى يديه (٢) ، وقيل : أراد بقوّته ؛ لأنّه كان يجمع يديه معا بالفأس ، وقيل : أراد باليمين ، القسم في قوله : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) [الأنبياء : ٥٧] ، والضمير
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٤٩٩) برقم : (٢٩٤٢٧) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٧٧) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ١٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٥٢٥) كلهم عن ابن عبّاس ، وعزاه السيوطي لابن أبي حاتم عن ابن عبّاس.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٥٠٢) برقم : (٢٩٤٥٢) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٧٩)