الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٣) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٥) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٦) لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٧) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ)(١٨)
وقوله سبحانه : (أَأَشْفَقْتُمْ ...) الآية : الإشفاق : هنا الفزع من العجز عن الشيء المتصدق به ، أو من ذهاب المال في الصدقة.
وقوله : (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ...) الآية : المعنى : دوموا على هذه الأعمال التي هي قواعد شرعكم ، ومن قال : إن هذه الصدقة منسوخة بآية الزكاة ؛ فقوله ضعيف.
وقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا) : نزلت في قوم من المنافقين ، تولوا قوما من اليهود ، وهم المغضوب عليهم ، قال الطبري (١) : (ما هُمْ مِنْكُمْ) : يريد به المنافقين (وَلا مِنْهُمْ) أي : ولا من اليهود ، وهذا التأويل يجري مع قوله تعالى : (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) [النساء : ١٤٣] كالشاة العائرة بين الغنمين ، وتحتمل الآية تأويلا آخر ، وهو أن يكون قوله : (ما هُمْ) يريد به اليهود (وَلا مِنْهُمْ) يريد به المنافقين ، (وَيَحْلِفُونَ) : يعني المنافقين ، وقرأ الحسن : اتّخذوا إيمانكم ـ بكسر الهمزة (٢) ـ ، والجنّة : ما يتستّر به ، ثم أخبر تعالى عن المنافقين في هذه الآية أنّه ستكون لهم أيمان يوم القيامة بين يدي الله تعالى ، يخيل إليهم بجهلهم أنّها تنفعهم ، وتقبل منهم ، وهذا هو حسابهم (أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ) أي : على شيء نافع لهم.
(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٩) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (٢٠) كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١) لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(٢٢)
__________________
(١) ينظر : «تفسير الطبري» (١٢ / ٢٣)
(٢) ينظر : «المحتسب» (٢ / ٣١٥) ، و «البحر المحيط» (٨ / ٢٣٦) ، و «الدر المصون» (٦ / ٢٩٠)