تفسير سورة الطّلاق
وهي مدنيّة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً (١) فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً)(٣) (١)
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) أي : إذا أردتم طلاقهنّ ؛ قاله الثعلبيّ وغيره : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) وطلاق النساء حلّ / عصمتهنّ ، وصورة ذلك وتنويعه مما لا يختصّ بالتفسير ، ومعنى (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) أي : لاستقبال عدّتهن ، وعبارة الثعلبيّ : أي : لطهرهنّ الذي يحصينه من عدّتهنّ ، وهو طهر لم يجامعها فيه ، انتهى ، قال* ع (٢) * : ومعنى الآية أن لا يطلّق أحد امرأته إلا في طهر لم يمسّها فيه ، وهذا على مذهب مالك ومن قال بقوله ؛ القائلين بأن الأقراء عندهم هي الأطهار ، فيطلّق عندهم المطلّق في طهر لم يمسّ فيه ، وتعتدّ به المرأة ، ثم تحيض حيضتين تعتدّ بالطهر الذي بينهما ثمّ تقيم في الطّهر الثّالث معتدّة به ، فإذا رأت أوّل الحيضة الثالثة حلّت ، ومن قال بأنّ الأقراء : الحيض وهم العراقيّون ، قال : (لِعِدَّتِهِنَ) معناه أن تطلّق طاهرا فتستقبل بثلاث حيض كوامل فإذا رأت الطّهر بعد الثالثة ، حلّت ، والأصل في منع طلاق الحائض حديث ابن عمر ، ثم أمر تعالى بإحصاء العدّة لما يلحق ذلك من أحكام الرجعة والسّكنى ، والميراث ، وغير ذلك ، وعبارة الثعلبي : (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) أي : احفظوا عدد قروئها الثلاثة ونحوه تفسير ابن العربيّ ؛ قال :
__________________
(١) سقط في : د.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٣٢٣)