(إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً (١٣) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤) بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً)(١٥)
وقوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ) يريد في الدنيا ، (مَسْرُوراً) أي : تملّكه ذلك لا يدري إلا السرور بأهله دون معرفة ربه.
وقوله تعالى : (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) معناه : أن لن يرجع إلى الله مبعوثا محشورا ، قال ابن عبّاس : لم أعلم ما معنى (يَحُورَ) ؛ حتّى سمعت امرأة أعرابيّة تقول لبنيّة لها : حوري ؛ أي : ارجعي (١) ، ـ ص ـ : (بَلى) إيجاب بعد النفي ، أي : بلى ؛ ليحورنّ أي : ليرجعنّ ، انتهى.
(فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩) فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (٢١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (٢٢) وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ (٢٣) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٢٤) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)(٢٥)
وقوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) «لا» / زائدة وقيل : «لا» ردّ على أقوال الكفار ، و (بِالشَّفَقِ) الحمرة التي تعقب غيبوبة الشمس مع البياض التابع لها في الأغلب ، و (وَسَقَ) معناه : جمع وضمّ ومنه الوسق أي : الأصوع المجموعة ، والليل يسق الحيوان جملة أي : يجمعها ويضمّها ، وكذلك جميع المخلوقات التي في الأرض والهواء من البحار والجبال والرياح وغير ذلك ، واتساق القمر كماله وتمامه بدرا ، والمعنى امتلأ من النور ، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر : «لتركبنّ» ـ بضم الباء (٢) ـ والمعنى : لتركبنّ الشدائد : الموت والبعث والحساب حالا بعد حال ، و «عن» تجيء بمعنى «بعد» كما يقال : ورث المجد كابرا عن كابر ، وقيل : غير هذا ، وقرأ حمزة والكسائيّ وابن كثير : «لتركبنّ» (٣) ـ بفتح الباء ـ على معنى أنت يا محمّد ، فقيل : المعنى حالا بعد حال من معالجة الكفار ، وقال ابن عبّاس :
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٠٩) (٣٦٧٤٦) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٥٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٨٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٤٨) ، وعزاه لابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عبّاس بنحوه.
(٢) وقرأ بها عاصم.
ينظر : «السبعة» (٦٧٧) ، و «الحجة» (٦ / ٣٩١) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٤٥٥) ، و «معاني القراءات» (٣ / ١٣٤) ، و «شرح الطيبة» (٣ / ١٠٥) ، و «العنوان» (٢٠٥) ، و «حجة القراءات» (٧٥٦) ، و «شرح شعلة» (٦٢١) ، و «إتحاف» (٢ / ٦٠٠)
(٣) ينظر : مصادر القراءة السابقة.