أدرك الوحي ، وسمع القرآن ، ووعد النصرة عند الدعوة ، فما عاش إلى حين الدعوة ، وعن أبي بكر بن حزم (١) : لمّا هاج اليهوديّ فوق الأطم ، يعني : الزبير بن بالما ، هذا كوكب أحمر قد طلع ، وهو كوكب لم يطلع إلا بالنبوّة. قيل لأبي قيس من بني عديّ بن النجار (٢) ، وكان يترهّب ويلبس المسوح : ما يقول هذا اليهوديّ؟ فقال : انتظاره الذي صنع بي هذا أنا أنتظره (٣) حتى أصدقه وأتّبعه ، قال ابن حزم : وكان أبو (٤) قيس قد صدّق بالنبيّ عليهالسلام وهو بمكة ، وكان (٥) شيخا كبيرا ، فلم يخرج حتى قدم النبيّ عليهالسلام.
وعن زيد بن أسلم (٦) : أنّ أساقفة الحبشة استأذنوا النجاشيّ (٧) ، فوفدوا على (٨) رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكانوا (٩) عشرين (١٠) رجلا ، فوجدوه (١١) عند المقام جالسا ، فجلسوا إليه ، (١٩٦ و) فكلّمه أسقف منهم ، يقال له : طابور ، وقال (١٢) : أنت الذي تزعم أنّك رسول الله؟ قال : نعم ، قال : إلى ما تدعو؟ قال : أدعو إلى الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمدا عبده ورسوله ، ثم تلا القرآن ، فبكوا حتى اخضلّوا لحاهم ، فقال طابور : فإنّي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وشهد أصحابه ما شهد ، فلما قاموا اعترضهم أبو جهل وأمية بن خلف ، فقالوا لهم : حيّاكم الله من ركب بعثكم من وراءكم (١٣) من أهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل ، فلم يطمئنّ مجلسكم عنده حتى فارقتم دينكم (١٤) ، وصدقتموه بما قال ، وهو عندنا منذ عشر سنين ما استجاب له إلا غلام سفيه ، وآخر لا مال له ، ما نعلم ركبا أحمق منكم ، قالوا : سلام عليكم ، لا
__________________
(١) أبو بكر محمد بن عمرو بن زيد الأنصاري الخزرجي النجاري المدني ، أمير المدينة ، ثم قاضيها ، توفي سنة ١٢٠ ه. ينظر : تاريخ خليفة ٣٢٠ ، والجرح والتعديل ٩ / ٣٣٧ ، وتاريخ الإسلام ٥ / ٢٢.
(٢) ع وأ : نجار.
(٣) الأصول المخطوطة : ننتظره.
(٤) أ : ابن.
(٥) (بمكة وكان) ، ساقطة من ع.
(٦) أبو عبد الله زيد بن أسلم العدوي العمري مولاهم المدني الفقيه ، توفي سنة ٣٦ ه. ينظر : التاريخ الأوسط للبخاري ٢ / ٤٠ ، والمقتنى في سرد الكنى ١ / ٧٤ ، وطبقات الحفاظ ٦٠.
(٧) اسمه أصحمة ، وقيل : أصحم بن أبجر ، النجاشي ملك الحبشة ، واسمه بالعربية عطية ، أسلم على عهد النبي عليهالسلام ، ولم يهاجر عليه ، توفي. ينظر : غوامض الأسماء المبهمة ٢ / ٦٨١ ، ومشارق الأنوار ١ / ٦٣ ، والإصابة ١ / ١٠٩.
(٨) ع : إلى.
(٩) أ : كانوا.
(١٠) ع : عشرون.
(١١) الأصول المخطوطة : فيجدونه.
(١٢) ساقطة من ع.
(١٣) النسخ المخطوطة : ورائكم.
(١٤) ك : دينه.