ولئن اعترفت لكم بأمر (١) ، والله يعلم أنّي بريئة ، لتصدقونني ، والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا كما قال أبو (٢) يوسف : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) [يوسف : ١٨] ، قالت : ثمّ تحوّلت فاضطجعت على فراشي ، قالت : وأنا والله حينئذ أعلم أنّي بريئة ، والله يبرّئني ببراءتي ، ولشأني أحقر في نفسي من أن يتكلّم الله جلّ جلاله فيّ بأمر يتلى ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله في النوم رؤيا يبرّئني الله بها ، قالت : فو الله ما رام رسول الله مجلسه ، ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله على نبيّه عليهالسلام ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي ، إنّه لينحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي من ثقل القول الذي أنزل عليه ، قالت (٣) : فلمّا سرّي عن رسول الله ، وهو يضحك ، فكان أول كلمة تكلّم بها أن قال : أبشري يا عائشة ، أما والله فقد برّأك الله ، فقالت لي أمّي : فقومي إليه ، فقلت : والله لا أقوم ولا أحمد إلا الله ، هو الذي أنزل براءتي ، قالت : فأنزل الله تعالى ذكره : (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) عشر آيات ، فأنزل جلّ ذكره هذه الآيات براءتي ، وقال أبو بكر ، كان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره : والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال ، فأنزل الله عزوجل : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ) إلى قوله : (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النور : ٢٢] ، فقال أبو بكر : والله إنّي لأحبّ أن يغفر الله عزوجل لي ، ورجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ، وقال : لا أنزعها منه أبدا ، قالت عائشة (٤) : وكان رسول الله سأل زينب بنت جحش ، زوج النبيّ عليهالسلام ، عن أمري ما علمت ، أو ما رأيت ، قالت : يا رسول الله ، أحمي سمعي وبصري ، والله ما علمت إلا خيرا ، وهي التي كانت تساميني من أزواج النبيّ عليهالسلام ، فعصمها الله بالورع ، وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها ، فهلكت فيمن هلك. (٥) وهذا الحديث أتمّ من سائر الأحاديث.
٢٦ ـ (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ) : من الرجال.
(وَالْخَبِيثُونَ) : من الرجال (٦).
(لِلْخَبِيثاتِ) : من النساء.
__________________
(١) أ : بأوامر.
(٢) ع : أبوي.
(٣) قالت مكررة في ع.
(٤) ع : عا عائشة.
(٥) أخرجه البخاري في الصحيح (٢٦٦١) ، ومسلم في الصحيح (٢٧٧٠) ، واللالكائي في اعتقاد أهل السنة ٨ / ١٤٣٠ ، والأربعين في مناقب أمهات المؤمنين ١ / ٦٢.
(٦) (من الرجال) ، ساقطة من ع.