و ـ أسلوب التكرار :
عند تفسير المؤلف رحمهالله تعالى قول الله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) [البقرة : ٩٢] يقول : «والتكرار ربما اتصل بزيادة فائدة ، وربما لم يتصل ، وفيما يتصل ثلاثة أنواع :
أحدها : مثل هذا ، إذ الأولى لإلزام الحجة وتذكير النعم بدلالة أنه أتبعها : (ثُمَّ عَفَوْنا) [البقرة : ٥٢] ، والثانية : لتكذيبهم في دعواهم بدلالة قوله : (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ) [البقرة : ٩١].
والنوع الثاني : مثل قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) وقال في موضع : (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة : ٦٣] ، وقال في الموضع الثاني : (وَاسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا) [البقرة : ٩٣] ، وكلّ واحدة من الآيتين تتضمّن من المعنى ما لا تتضمّنه الأخرى لا محالة.
والثالث : وصف الجنة والنار ، وفائدة التكرار : تجديد الحث والإنذار.
وما لا يتصل بفائدة نوع واحد ، وهو ما يوجد في سورتين.
والوجه في الأنواع الثلاثة أنّ تضمّن الفوائد كلّها لا يجب في قصّة واحدة ، ثمّ إذا وقعت الحاجة إلى ذكر فائدة لم تذكر في القصّة فالأحسن تكرار القصّة لاستدراك ذكر الفائدة في محلّها ، وربّما لا يتصوّر غير ذلك.
والوجه في هذا النوع الواحد أنّ السورتين بمنزلة كتابين ، والله يقول : (فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) [البيّنة : ٣] ، ووجود قصّة واحدة في كتابين معروف واجب ، وذلك لا يسمّى تكرارا إذ كلّ كتاب في الحاجة إليها كمثله ، وكذلك تضمين قصّة واحدة في قصيدتين أو خطبتين. وقيل : الفائدة في هذا النوع موجودة ، وهي شهود قوم نزول الثانية لم يشهدوا نزول الأولى.
وتكرار قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) أيضا على وجه اللّوم والتّكذيب ، ألا ترى أنّه أعاد قوله : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).». (١)
ثانيا ـ علم البيان : ويشتمل على :
أ ـ الحقيقة :
في الاصطلاح : هي الكلمة المستعملة فيما وضعت له في اصطلاح التخاطب. (٢)
والمؤلف رحمهالله تعالى بعد أن بين أن اللفظ حقيقة ومجاز في سورة الإسراء وخلال تفسيره
__________________
(١) الأصل (٢٢ و ـ ٢٢ ظ).
(٢) التلخيص ٢٩٢ ـ ٢٩٣.