قول الله تعالى : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ) [الإسراء : ٥٩] ، (١) جاء فعرفها بأنها : «ما لا إشكال في وجهه ، ولم يصرف عن ظاهره» (٢).
ففي تفسيره قول الله تعالى : (مَسْحُوراً) [الإسراء : ١٠١] ، قال : «وقيل : مسحورا حقيقة ؛ لقوله : (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) [الشعراء : ٢٧]» (٣).
وعند تفسيره قول الله تعالى : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) [النحل : ٢١] ، يقول : «ويحتمل الأصنام على سبيل الحقيقة عند من يجعل الموت والجمود شيئا واحدا» (٤).
ب ـ المجاز :
هو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح التخاطب على وجه يصح مع قرينة عدم إرادتها. (٥)
وعرفه عبد القاهر الجرجاني بأنه : «ما توسع الناس فيه لفظا ، واصطلحوا عليه واستجازوه ، إما ضرورة كتسمية الرجل كلبا أو أسدا ، وإما اختيارا للتخفيف والعادة ، كقولها : طلع الفجر ، وأظلم الليل ، ونبت الشجر». (٦)
وقد استعمل المؤلف هذا الأسلوب على الشكل الآتي :
أ ـ المجاز العقلي : وهو إسناد الفعل أو ما في معناه إلى ما هو له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة الإسناد الحقيقي :
وهذا النوع ينسب ابتكاره إلى الإمام الجرجاني رحمهالله ، فقد قال صاحب الطراز : «واعلم أن ما ذكرناه في المجاز الإسناد العقلي هو ما قرره الشيخ النحرير عبد القاهر الجرجاني ، واستخرجه بفكرته الصافية ، وتابعه على ذلك الجهابذة من أهل الصناعة كالزمخشري وابن الخطيب الرازي وغيرهما». (٧)
ومن الأمثلة عليه :
١ ـ ما علاقته الزمانية : فعند تفسيره قول الله تعالى : (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ) [يوسف : ٤٨] ، يقول : «أسند الأكل إلى السنين على طريق المجاز ، كقولك : ليل نائم ، وسيوف قائمة» (٨). وكذلك عند تفسيره لقول الله تعالى : (اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) [إبراهيم : ١٨] يقول : «وإنما يوصف اليوم بأنه عاصف ؛ لأن اليوم يوصف بما يحدث فيه على سبيل
__________________
(١) درج الدرر ١٦٤.
(٢) الأصل (١١ و).
(٣) درج الدرر ١٨١.
(٤) درج الدرر ١٢٠.
(٥) جواهر البلاغة ١٧٩.
(٦) الأصل (١١ و ـ ١١ ظ).
(٧) الطراز ٣ / ٢٥٧.
(٨) درج الدرر ٥٥.