ز ـ قد يعلل مجيء كلمة على صيغة معينة : ومنه قوله جل وعز : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٧٢)) [الإسراء : ٧٢] ، يقول : «إنما جاءت التفضيل على لفظة أعمى عند الفراء ، بخلاف التفضيل في الألوان ؛ لأن المراد به : عمى القلوب ، وعمى القلب من فعل الإنسان بغفلته. يجوز أن يقال : فلان أعمى من فلان في القلب ، ولا يجوز في العين» (١).
المطلب الخامس
عنايته بالشواهد الشعرية
كان للشواهد الشعرية عند مؤلف درج الدرر رحمة الله عليه حضور في تفسيره ، لكن هذا الحضور لم يكن كبيرا ، ففي أول الكتاب اهتم به أكثر من وسطه وآخره ، ولذلك سنجد أن أكثر الاستشهادات من أول الكتاب.
وذكره للشواهد على الشكل الآتي :
١ ـ في أكثر الأحيان يذكر البيت من الشعر كاملا ، وقد يذكر جزءا منه ، كما في استشهاده بقول الشاعر :
وروضة سقيت فيها نضوتي |
|
... |
في تفسير قوله تعالى : (رَوْضَةٍ) [الروم : ١٥] ، فذكر الشطر الأول من البيت. (٢)
٢ ـ قد يعزو البيت من الشعر إلى قائله : كعزوه إلى جرير (٣) وحاتم الطائي (٤) وذو الرمة (٥) ولبيد (٦) ، وغيرهم.
أما طريقته في الاستشهاد بالشعر فكانت على الشكل الآتي :
١ ـ الاستشهاد بالشعر لبيان المعاني اللغوية لألفاظ القرآن الكريم وتوضيح غريبها : فعند حديثه عن السجود ، وأن معناه اللغوي : ميل القامة إلى الأرض ، يستشهد بقول حميد (٧) [من المتقارب] :
فضول أزمّتها أسجدت |
|
سجود النّصارى لأربابها |
وكذلك عند تفسيره قول الله تعالى : (هارُوتَ وَمارُوتَ) [البقرة : ١٠٢] ، قال : «اسمان أعجميان ، مثل طالوت وجالوت. وقيل : هاروت من الهرت ، وماروت من المرت ، والهريت
__________________
(١) درج الدرر ١٦٧.
(٢) درج الدرر ٤٣٠ ، وكذلك استشهاده بقول امرئ القيس. وينظر : درج الدرر ٢٣٧.
(٣) الأصل (٥٩ و).
(٤) الأصل (٥ و).
(٥) الأصل (١٥ و).
(٦) الأصل (٢٥ و).
(٧) ابن ثور الهلالي ، ديوانه ٩٦ ، ولسان العرب ٣ / ٢٠٥ (سجد) ، وفيهما : لأحبارها ، بدل (لأربابها).