٤ ـ (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) : في إحالة مجاز القوم ، وذلك لنقلهم أحكام الحقائق إلى المجاز ، كمن يسمّي إنسانا هابا ، ثم يعتقده أنّه نار ، فيرفع إليه فتيلة مستوقدا ، ويعتقد [أنّ](١) الشّهاب الحقيقيّ إنسان ويأمره وينهاه ، واتصالها من حيث (وَلا تُطِعِ)، فإن النّفل كان من صنيعهم. وسئل ابن عباس عن (٢) هذه الآية فقال : قام نبي الله عليهالسلام يوما (٣) يصلّي ، فخطر (٤) خطرة ، فقال المنافقون الّذين يصلّون معه : ألا ترى له قلبين : قلبا معكم ، وقلبا معهم ، وأنزل ، بمعنى قوله. (٥) وقال ابن جريج : هو رجل من بني فهر كان يقول : إنّ لي قلبين : أعقل بأحدهما ما يعقل محمد بقلبه ، وكذّب. (٦) زاد الكلبيّ : بيان اسم الرّجل معمر بن أسد ، قال : وتلقاه أبو سفيان بن حرب يوم بدر ، وهو معلّق إحدى نعليه ، والأخرى في رجليه ، فقال : يا أبا معمر ، ما يعمل الناس؟ فقال : انهزموا ، فقال : ما بال إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك؟ قال : أبو معمر : ما شعرت إلا أنهما جميعا في رجلي ، فعرفوا يومئذ جميعا أنّه ذو قلب واحد ، ولو كان له قلبان لما نسي نعله في يده من شدّة الخوف. وهذا التأويل يروى عن مجاهد (٧) وابن بريدة (٨) وغيرهما. ويحتمل : نفي اجتماع عقيدتين مختلفين في قلب واحد ، على سبيل الإنكار على المنافقين الذين كانوا يلقون رسول الله بوجه والكفار بوجه (٩).
(وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ) : سنذكر (١٠) أحكامها في سورة المجادلة.
(وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) : فستذكر (١١) في قصّة زيد. والأدعياء : جمع دعيّ ، وهذا (١٢) الذي يدّعيه على سبيل الاتّخاذ والاتّحاد ، وسبيل الافتراء والإلحاد (١٣).
__________________
(١) الأصل وك وع : أي ، وأ : أني. وما أثبت أقرب للصواب.
(٢) ع : في.
(٣) ع : يوما.
(٤) أ : فخط. والخطرة : الوسوسة. النهاية في غريب الحديث ٢ / ٤٦ ، ولسان العرب ٤ / ٢٥٠.
(٥) أخرجه أحمد في المسند ١ / ٢٦٧ ، والترمذي في السنن (٣١٩٩) ، وابن أبي حاتم في تفسيره (١٧٥٧٠) ، والطبراني في الكبير (١٢٦١٠).
(٦) ينظر : معاني القرآن ٥ / ٣١٨.
(٧) ينظر : تفسير الطبري ١٠ / ٢٥٥ ، ومعاني القرآن الكريم ٥ / ٣١٨.
(٨) أ : يزيد. والصواب ما أثببت ، ينظر : معاني القرآن الكريم ٥ / ٣٢٢.
(٩) الأصول المخطوطة : كانوا يقولون رسول الله بوجه الكفار بوجه. وما أثبت أقرب للصواب.
(١٠) الأصل وك وأ : سنذكرها.
(١١) ع : فتذكر.
(١٢) ع : وهو.
(١٣) ع : الاتحاد.