وتلجلجوا ، وقالوا : نعطي ما عرضنا عليك يا محمد ، قالوا : هاهنا (١) خصلة غير هذه ، قد جعلت الأمر إليه ، إن شاء فليرحل ، قالوا : يا محمد ، ما بقي ، قضيت ما عليك ، يا زيد (٢) فانطلق معنا ، قال : هيهات هيهات ، ما أريد برسول الله بدلا ، ولا أوثر عليه أحدا ، قال أبوه : يا نبيّ الله ، أمّا أنا (٣) فأقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسوله ، فآمن حارثة ، وأبى الباقون ، ورجعوا إلى البريّة. والحديث مختصر. (٤)
وعن أبي عمرو الشيبانيّ : أنّ جبلة بن حارثة قال : قدمت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلت له : يا رسول الله ، ابعث معي أخي زيدا ، قال : هو ذا ، فإن انطلق معك لم أمنعه ، قال زيد : يا رسول الله ، والله لا أختار عليك أحدا ، قال جبلة بن حارثة : فرأيت رأي أخي أفضل. (٥)
وعن عمر : أنّه فرض لأسامة بن زيد في ثلاثة آلاف وخمس مئة ، وفرض لعبد الله بن عمر في ثلاثة آلاف ، فقال عبد الله لأبيه : لم فضّلت أسامة عليّ ، فوالله ما سبقني إلى مشهد ، قال : لأنّ زيدا كان أحبّ إلى رسول الله من أبيك ، وكان أسامة أحبّ إلى رسول الله (٦) منك ، فآثرت حبّ رسول الله على حبّي. (٧) وعن ابن عمر : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث بعثا وأمّر عليهم أسامة بن زيد ، وطعن (٨) النّاس في إمرته (٩) ، فقال : إن تطعنوا في إمرته فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل ، وايم الله ، إن كان لخليقا للإمارة ، وإن كان لمن أحبّ النّاس إليّ ، وإنّ هذا من أحبّ النّاس إليّ بعده. (١٠) فلمّا كان زيد من رسول الله صلىاللهعليهوسلم بهذه المنزلة أحبّ إكرامه وتشريفه بأن تزوّج منه بنت عمّته ، فترفعت المرأة عن ذلك ، فأنزل الله هذه الآية ، فسلّمت لحكم الله ، وتزوّجت بزيد بن حارثة.
٣٧ ـ (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) : إنعام الله توفيقه للإيمان ، وإنعام رسول الله هو عتقه وتزويجه. (١١)
__________________
(١) الأصل وك وأ : هاهنا. وهو الصواب ، ينظر : مصادر التخريج.
(٢) ع : يا زيد ما عليك.
(٣) الأصل وك وأ : أني.
(٤) ينظر قصة زيد ومجيء أهله في الطبقات الكبرى ٣ / ٤١ ، والفوائد ٢ / ٨٣ ـ ٨٥ ، وصفة الصفوة ١ / ٣٧٨ ـ ٣٨١.
(٥) أخرجه الترمذي في السنن (٣٨١٥) ، والطبراني في الآحاد والمثاني (٢٦٠٠) ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٢٣٧ ، وقال الترمذي : حديث حسن غريب.
(٦) (من أبيك ، وكان أسامة أحب إلى رسول الله) ، ساقط من ع.
(٧) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٢٨٧٨) ، والترمذي (٣٨١٣) ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب.
(٨) أ : فطعن.
(٩) أ : امرأة ، وكذلك التي بعدها. وما أثبت الصواب لأن الحديث هنا عن الإمارة.
(١٠) أخرجه البخاري (٤٢٥٠) ، ومسلم في صحيحه (٢٤٢٦) ، والترمذي في السنن (٣٨١٦).
(١١) ينظر : تفسير الطبري ١٠ / ٣٠٢ ، والتفسير الكبير ٩ / ١٦٩.