وأما الذين آذوا موسى عليهالسلام إنّهم (١) الذين اتّهموه بقتل هارون عليهالسلام ، فأراهم الله هارون مضطجعا على سريره من أسرّة الجنّة ، انشقّ عنه قبره ، ثمّ عاد إلى مكانه. وقيل : اتّهموه بالطّمع في مال قارون ، فخسف الله به وبداره وبماله (٢) الأرض. وعن أبي هريرة ، عنه عليهالسلام : «أنّ موسى عليهالسلام كان حييّا ما يرى من جلده شيء (٣) استحياء منه ، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل ، قالوا : ما تستّر هذا التّستّر إلا من عيب بجلده ، إمّا برص ، وإمّا أدرة ، وإمّا آفة ، وإنّ الله تعالى أراد تبرئته ممّا قالوا ، فخلا موسى يوما وحده ، فوضع ثيابه على حجر ثمّ اغتسل ، فلمّا فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها (٤) ، وإنّ الحجر عدا بثيابه فطلب موسى [الحجر](٥) ، فانتهى إلى ملأ (٦) من بني إسرائيل فرأوه أحسن النّاس خلقا ، وأبرأه ممّا كانوا يقولون ، قال : وقام الحجر فأخذ ثوبه ولبسه (٧)». (٨) الذين آذوه هم الذين اتّهموه في التّوراة ، وقالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) [البقرة : ٥٥].
٧٠ ـ (قَوْلاً سَدِيداً) : لا خلل فيه لصدقه ومتانته ، وأسدّ الأقوال قول : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، (٩) ولا حول ولا قوة إلا بالله.
٧١ ـ (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) : تبديل سيئاتنا حسنات ، أو قبوله صالح أعمالنا بعد الشّهادتين.
٧٢ ـ (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) : إن كان المراد أهلوها وسكانها العقلاء من الملائكة والجنّ فالعرض على سبيل التّخيير ، والإباء والإشفاق على سبيل الاجتهاد ، وإن كان المراد سائر الحيوان فالعرض ابتلاء طبائعها ، والإباء والإشفاق على سبيل الكراهة الطبيعيّة ، وإن كان المراد أعيانها التي هي جماد ، فالعرض على سبيل الإخبار والاضطرار ، والإباء والإشفاق كذلك.
فائدة العرض الأوّل : بيان اجتهاد. وفائدة (١٠) العرض الثّاني : بيان التّفاوت بين الطّبائع لا
__________________
(١) ع : هم.
(٢) ساقطة من ك وع وأ.
(٣) أ : شيئا.
(٤) الأصول المخطوطة : ليأخذه. والتصويب من كتب التخريج.
(٥) زيادة من كتب التخريج.
(٦) (وإن الحجر عدا بثيابه فانطلق موسى فانتهى إلى ملأ من) ساقطة من ع وأ.
(٧) ع : فلبسه.
(٨) أخرجه البخاري في الصحيح (٢٧٨) ، والنسائي في الكبرى (١١٤٢٤) ، والترمذي في السنن (٣٢٢١).
(٩) ينظر : تفسير ابن أبي حاتم (١٧٨٠٩) عن عكرمة ، وتفسير السمعاني ٤ / ٣١١ عن ابن عباس ، وتفسير القرطبي ١٤ / ٢٥٣ عن ابن عباس وعكرمة.
(١٠) ك : وبيان.