المسجد ، فنزلت الآية فقال عليهالسلام : «إنّ آثاركم تكتب ، فلا تنتقلوا». (١) قال : نزول الآية متقدّم على هذه الحادثة. والحديث محمول ، إمّا على نزول الآية مرّتين ، وإمّا لم يكن سمع أبو سعيد الخدريّ هذه الآية فيما قبل ، فظنّ أنّها نزلت يومئذ.
١٣ ـ (وَاضْرِبْ لَهُمْ) : اقصص لهم القصّة ، كقوله : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ) [الكهف : ٣٢].
(أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) : أهل أنطاكية. (٢)
١٤ ـ (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ) : على عهد عيسى عليهالسلام ، وهما تومان وبالوس ، (٣) وهما من الحواريين ، فجعلا يدعوان (٤) إلى توحيد الله حتى اطّلع الملك على أمرهما (٢٧٥ و) فحبسهما فجاء شمعون الصّفا ، وهو من عظماء الحواريين ، في إثرهما مسجونين ، فجعل نفسه كواحد من أهل أنطاكية ، وجاء بطعام ؛ ليطعم أهل السّجن ، فأطعم كلّ واحد من أهل السّجن شيئا شيئا ، فلمّا انتهى إلى صاحبيه قال : إنّي أسعى في تقويتكما وإخراجكما ، ثمّ خرج من السّجن ، ودخل بيت الأصنام ، فاعتكف فيه أيّامّا يصلّي لله عزوجل ويتضرّع إليه ، وأهل أنطاكية يرونه متقرّبا إلى (٥) أصنامهم ، فسكنوا إليه ، ووثقوا به ، ورفعوا خبره إلى الملك ، فدعاه الملك ، واستخلصه (٦) ، ثمّ إنّه قال للملك : إنّي سمعت أنّك سجنت رجلين مخالفين لك في دينك ، فأخرجهما لأخاصمهما ، فأخرجهما (٧) الملك ، [ ...](٨) فقال لهما شمعون : وأنا أفعل ذلك ، قالا : نحن نحيّي الموتى ، قال شمعون : عندنا ميّت قد مات منذ سبعة أيّام ، فأحيياه (٩) ، فدعوا الله جهرا ، ودعا شمعون سرّا ، فأحيا الله ذلك الميّت ، فقال شمعون : أشهد أنّهما صادقان ،
__________________
(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ١ / ٥١٧ ، والترمذي في السنن (٣٢٢٦) ، وقال : حديث حسن غريب. والحديث أخرجه البخاري (٦٥٥) وغيره من غير ذكر سبب النزول.
(٢) ينظر : تفسير الطبري ١٠ / ٤٣١ ، ومعاني القرآن الكريم ٣ / ٩٣ عن ابن شهاب و ٥ / ٤٨٢ عن عكرمة ، والدر المنثور ٧ / ٤٥ عن ابن عباس وغيره.
(٣) ينظر : تفسير السمرقندي ٣ / ١١٢ ، وزاد المسير ٦ / ٢٧٥ عن مقاتل.
(٤) الأصول المخطوطة : يدعوانه.
(٥) مكررة في ك.
(٦) أ : واستخلفه.
(٧) ك : وأخرجهما.
(٨) هنا سقط في الكلام ، ويمكن إضافة ما يأتي ليتم المعنى من تفسير السمرقندي ٣ / ١١٣ ـ ١١٤ : «وأقيما بين يديه فقال لهما شمعون : أخبراني عن إلهكما ، فقالا : إنه يبرئ الأكمه والأبرص ، فدعي برجل ولد أعمى ، فدعوا الله تعالى فأبصر الأعمى ، قال شمعون : فأنا أفعل مثل ذلك ، فأتي بآخر ، فدعا شمعون رضي الله فبرئ ، فقال لهما شمعون : لا فضل لكما علي بهذا ، ثم أتي برجل أبرص ، فدعا شمعون فبرئ ، وفعل شمعون بآخر مثل ذلك ، فقال لهما شمعون : فهل عندكما شيء غير هذا».
(٩) الأصول المخطوطة : فأحييا.