مسعود قال : إنّ قاصّا يقصّ يقول : يخرج من الأرض الدّخان ، فيأخذ بمسامع الكفّار ، ويأخذ المؤمن كهيئة الزّكام ، قال : فغضب ، وكان متّكئا فجلس ، ثمّ قال : إذا سئل أحدكم عمّا يعلم فليقل به ، وإذا سئل عمّا لا يعلم فليقل : الله أعلم ، فإنّ من علم الرّجل إذا سئل عما لا يعلم أن يقول : الله أعلم (١) ، وإنّ الله قال لنبيه : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) [ص : ٨٦] ، إنّ رسولّ الله لّما رأى قريشا استعصوا عليه قال : «اللهم أعنّي بسبع كسبع يوسف» ، فأخذهم سنة ، فأحصت كلّ شيء حتى أكلوا الجلود والميتة ، ورويّ : العظام ، قال : وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدّخان ، قال : وأتاه أبو سفيان فقال : إنّ قومك قد هلكوا ، فادع الله لهم ، قال : فهذا لقوله : (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ) الآية. وقيل : هذا لقوله : (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ) [الدخان : ١٢] ، قال : فهل يكشف عذاب الآخرة ، وقد مضى البطشة ، واللّزام يوم بدر ، والدّخان؟ (٢) هذا مخالف لما تقدم ، والله أعلم بالصحيح.
١٨ ـ (أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ) : في معنى قوله : (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي) [الأعراف : ١٠٥]. (٣)
٢٠ ـ (تَرْجُمُونِ فَاعْتَزِلُونِ) : فاتركوني واهجروني. (٤)
٢٤ ـ (رَهْواً) : سكونا (٥) ، أو متتابعا (٦) ، تقديره : اترك البحر ساكنا على حالته وعلى حالة الانفلاق غير مضطرب ولا ملتطم ، أو اترك البحر متتابعة أمواجه في الهواء كلّ فرق كالطود العظيم.
٢٩ ـ (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ) : أي : أهل السماء ، (وَالْأَرْضُ)، أراد مبالغة وصفهم في الهوان. وسئل ابن عباس (٧) : أتبكي السّماء والأرض على أحد؟ قال : نعم ، إنّه ليس من الخلائق أحد إلا وله باب من السّماء أو في السّماء يصعد فيه عمله ، وينزل رزقه ، فإذا مات المؤمن بكت عليه معادنه من الأرض التي يذكر الله فيها ، ويصلّي ، وبكى بابه الذي يصعد منه ، وأما قوم فرعون فلم يكن لهم في الأرض آثار صالحة ، ولم يكن يصعد إلى الله منهم خير ، فلم
__________________
(١) (فإن علم الرجل ... أن يقول : الله أعلم) ، ساقط من ك.
(٢) أخرجه البخاري في الصحيح (٤٧٧٤) ، ومسلم في الصحيح (٢٧٩٨) ، والشاشي في المسند ١ / ٣٩٩.
(٣) ينظر : تفسير مجاهد ٥٨٨ ، معاني القرآن للفراء ٣ / ٤٠ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤٢٥.
(٤) ينظر : معاني القرآن للفراء ٣ / ٤٠ ، وعمدة الحفاظ ٣ / ٨٥.
(٥) ينظر : مجاز القرآن ٢ / ٢٠٨ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤٢٦ ، وإيجاز البيان عن معاني القرآن ٢ / ٧٤٢.
(٦) ينظر : غريب الحديث للحربي ٢ / ٦٨٠ ، المحكم والمحيط الأعظم ٤ / ٤١٧ ، والنهاية في غريب الحديث ٢ / ٢٨٦ ، وعمدة الحفاظ ٢ / ١٣٥.
(٧) الأصول المخطوطة : عياش ، والتصويب من كتب التخريج.