على مثل القرآن ، وهو التّوراة : أنّها ناطقة برسالة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وشهد أنّ القرآن من عند الله على مثل ما شهد به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإنّما دخلت شهادته في حيّز التّواتر ، وهو رجل واحد لأسباب مجتمعة ، أحدها : ما نطقت به أحبار اليهود وعلماء النّصارى والكهّان برسالة رسول الله قبل مبعثه ، والثاني : اعتراف عامّة أحبار اليهود بأنّ عبد الله بن سلام أفضلهم علما ، وأصدقهم حديثا ، فكانوا صدّقوه في شهادته هذه ، والثّالثة : فحامة (١) غيره عند قراءته بعث نبيّنا عليهالسلام ، وآية الرّجم من التّوراة في المصحف ، والرّابع : كونه غير دافع ضررا عاجلا عن (٢) نفسه ، وغير جارّ منفعة إلى نفسه بشهادته (٣) هذه إلا ابتغاء وجه الله ، والخامس : استقامته على شهادته في تقلّب أحواله. وقيل : إنّ شهادته لم تكن حجة ، ولم توجب علما إلا بعد تزكية الله إيّاه بالقرآن المعجز.
١١ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا)(٤) : قال الكلبيّ : نزلت في اليهود حيث قال لهم عبد الله بن سلام : لم لا تؤمنون بهذا النّبيّ؟ فقالوا : لو كان خيرا ما سبقونا إليه رعاة الشّاة. وقال الفرّاء : (٢٩٤ ظ) نزل في بني عامر وغطفان وأشجع حيث قالوا : هذا في مدينة وغفار وجهينة (٥).
١٥ ـ (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) : قال الكلبيّ : نزلت في أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه. (٦)
١٧ ـ (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍ)(٧) : قال الكلبيّ : نزلت الآيتان في عبد الرحمن بن أبي بكر حالة كفره ، وهو بمكة يومئذ. (٨)
(أَنْ أُخْرَجَ) : أن أبعث من قبري. (٩)
__________________
(١) هكذا في الأصول المخطوطة ، ولعل الصواب : إفحام ، أو فحام.
(٢) ع : إلى.
(٣) أ : بشهادة.
(٤) غير موجودة في ع.
(٥) ينظر : معاني القرآن للفراء ٣ / ٥١.
(٦) ينظر : تاريخ دمشق ٣٠ / ٣٣٨ ، الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.
(٧) غير موجودة في أ.
(٨) ينظر : معاني القرآن للفراء ٣ / ٥٣ ، وتفسير مبهمات القرآن ٢ / ٤٩٢ ، وقد أنكرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ذلك. ينظر : صحيح البخاري (٤٨٢٧) ، والمستدرك ٤ / ٥٢٨ ، والنسائي في الكبرى (١١٤٩١) ، وقال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤٤٣ ـ ٤٤٤ : «فقال بعضهم : إنها نزلت في عبد الرحمن قبل إسلامه ، وهذا كله يبطله قول : «أولئك الذي حق عليهم القول في أمم ... الخاسرين» ، فأعلم الله أن هؤلاء لا يؤمنون ، وعبد الرحمن مؤمن ، من أفاضل المؤمنين وسرواتهم ، والتفسير الصحيح : أنها نزلت في الكافر العاق».
(٩) ينظر : تفسير الطبري ١١ / ٢٨٧.