أحدهما للآخر : والله لو أرسلناه إلى سميحة أو سميحة ، وهي بئر ذات ماء كثير ، لقال : ليس فيها ماء ، فهذه عيبتهما ، ثمّ إنّ الفقير أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأدّى الرّسالة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : انطلق (١) إلى أسامة بن زيد ، وكان أسامة يحفظ طعام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأتاه فلم يجد عنده شيئا ، فرجع إلى صاحبيه وأخبرهما بالقصّة ، فاتّهما أسامة بن زيد وقالا : هو رجل بخيل ، (٢٩٩ و) أمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يعط ، فهذا ظنّهما الذي هو الإثم ، ثمّ إن الرجلين راحا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد أنزل الله هذه الآية : (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)، (٢) لحلوله محلّ الاعتقاد الفاسد.
(أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) : لأنّ المغتاب ينال من أخيه في حال لا يمكنه الامتناع كالذي يأكل لحم أخيه ميتا. (٣)
١٣ ـ (شُعُوباً) : وهي الأجيال التي تشعّبت من أولاد نوح عليهالسلام. [والشّعب :
الطّبقة الأولى من الطّبقات السّتّ التي عليها العرب ، وهي : الشّعب ، والقبيلة ، والعمارة ، والبطن ، والفخذ ، والفصيلة ، فالشّعب يجمع القبائل ، والقبيلة تجمع العمائر ، والعمارة تجمع البطون ، والبطن يجمع الأفخاد ، والفخذ يجمع الفضائل ، خزيمة شعب ، وكنانة قبيلة ، وقريش عمارة ، وقصيّ بطن ، وهاشم فخذ ، والعبّاس فصيلة ، وسمّيت الشّعوب قبائل ؛ لأنّ القبائل تشعّبت منها. (٤)](٥)
(وَقَبائِلَ) : هي البيوت من كلّ جيل.
والآية نزلت في ثابت بن قيس. (٦) وعن ابن عبّاس قال : ما تعدّون الكرام فيكم وقد بيّن الله : (أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) وما تعدّون الحسب فيكم؟ أحسنكم أخلاقا أكرمكم إحسانا ، فقال عليهالسلام : «لينتهينّ رجال يفتخرون برجال من الجاهليّة قد صاروا حمما في النّار ، أو ليجعلنّهم الله أذلّ من الجعل يدفع النّتن بأنفه» (٧). وقيل : الفخر بالهمم العالية لا
__________________
(١) ع : انطق.
(٢) ينظر : تفسير البغوي ٧ / ٣٤٤ ، وتفسير القرطبي ١٦ / ٣٣١.
(٣) ينظر : زاد المسير ٧ / ٢٢٨.
(٤) الكشاف ٤ / ٣٧٧ ـ ٣٧٨.
(٥) ما بين المعقوفتين موجود في حاشية الأصل ، وبالخط نفسه الذي كتب به الأصل ، وأظنه من الأصل ، ولذلك كتبته في الأصل ، وأشرت إليه لأني لم أجده في النسخ الأخرى ، والله أعلم.
(٦) ينظر : تفسير مبهمات القرآن ٢ / ٥٣٠.
(٧) أخرج الجزء الأخير منه أحمد في المسند ٢ / ٣٦١ ، وأبو داود في السنن (٥١١٦) ، والبيهقي في السنن ١٠ / ٢٣٢ عن أبي هريرة.