سبيله» ، قلت : فأيّ المؤمنين أكمل إيمانا؟ قال : «أحسنهم خلقا» ، قلت : فأيّ المسلمين (١) أسلم؟ قال : «من سلم المسلمون من يده ولسانه» ، قلت : فأيّ الهجرة أفضل؟ قال : «من هجر السّيئات» ، قلت : فأيّ الصّلاة أفضل؟ قال : «طول القنوت» ، قلت : فأيّ الصّدقة أفضل؟ قال : «جهد من مقلّ يمشي به إلى فقير» ، قلت : فأيّ الجهاد أفضل؟ قال : «من عقر جواده وأهريق دمه» ، قلت : يا نبيّ الله ، كم كتاب أنزل الله؟ قال : «مئة كتاب وأربعة كتب» ، قلت : فما كانت صحف إبراهيم؟ قال : «أمثالا كلّها» ، قال : «فكان فيها (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) إلى آخر السّورة ، وفيها : أيّها الملك المسلّط المبتلى المغرور ، إنّي لم أبعثك لتجمع الدّنيا بعضها إلى بعض ، (٣٢١ ظ) ولكن بعثتك لتردّ عنّي دعوة المظلوم ، فإنّي لا أردّها ، ولو كانت من كافر ، وفيها : على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن تكون له ساعة يناجي فيها ربّه ، وساعة يتفكّر في صنع الله ، وساعة يحاسب فيها نفسه فيما قدّم وأخّر ، وساعة يخلو فيها لحاجته من الحلال في المطعم والمشرب ، وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا في ثلاث : تزود لمعاد ، أو مرمّة (٢) لمعاش ، أو لذّة في غير محرّم ، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه ، مقبلا على شأنه ، حافظا للسانه ، ومن حسب الكلام من عمله (٣) أقلّ (٤) الكلام إلا فيما يعنيه» ، قلت : يا نبيّ الله ، فما كانت صحف موسى؟ (٥) قال : «كانت عبرا كلّها ، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، وعجبت لمن أيقن بالنّار كيف يضحك ، وعجبت لمن أيقن بالحساب كيف يجمع ، وعجبت لمن أيقن بالقدر ثمّ ينصب ، وعجبت لمن رأى الدّنيا وتقلّبها بأهلها كيف يطمأنّ إليها و (٦) عجبت لمن أيقن بالحساب وهو لا يعمل» ، قلت : يا رسول الله ، أوصني قال : «أوصيك بتقوى الله ، فإنّه رأس أمرك ، وعليك بتلاوة القرآن ، وذكر الله عزوجل ، وعليك بالجهاد ، فإنّها رهبانية أمّتي» ، قلت : زدني ، قال : «عليكّ بالصّمت إلا من خير ، فإنّه مطردة الشّيطان ، وعون على أمر دينك» ، قلت : زدني ، قال : «انظر إلى من تحتك ، ولا تنظر إلى من هو (٧) فوقك ، فإنّها أجدر أن لا تزدرى نعمة (٨) الله عليك» ، قلت : زدني ، قال : «أحبّ المساكين ، وجالسهم» ، قلت :
__________________
(١) في الأصل وك وأ : المسلمون ، وهذا من حاشية الأصل.
(٢) المرمّة : متاع البيت. لسان العرب ١٢ / ٢٥٤.
(٣) (من عمله) ، ساقط من أ.
(٤) ك : أول.
(٥) (فما كانت صحف موسى) وجودة في حاشية الأصل ، ينظر : كتب التخريج.
(٦) (عجبت لمن أيقن بالموت ... ثم اطمن إليها و) موجودة في حاشية الأصل ، وينظر : كتب التخريج.
(٧) ساقطة من ك.
(٨) أ : نعم.