محدّثی الكوفه كانوا يقدّمون عليّاً علی عثمان ، وقد ذكر الذهبي أيضاً ذلك ، وعدّد أسماء بعضهم ، وفيهم «عبيد اللّٰه بن موسی» و «عبد الرزّاق بن همّام» (١).
وجاء بترجمة «عبد الرزّاق» : «قلت لعبد الرزاق : ما رأیك أنت؟! ـ يعني في التفضيل ـ قال : فأبي أن يخبرني ، وقال : كان سفيان يقول : أبو بكر وعمر ، ويسكت. ثمّ قال لي سفيان : أُحبّ أن أخلوَ بأبي عروه ـ يعني معمراً ـ فقلنا لمعمر فقال : نعم ؛ فخلا به ، فلمّا أصبح ، قلت : يا أبا عروه! كيف رأيته؟ قال : هو رجلٌ ، إلّا أنّه قلّما تكاشف كوفيا إلّا وجدت فيه شيئاً ـ يريد التشيّع ـ ثمّ قال عبد الرزّاق : وكان مالك يقول : أبو بكر وعمر ، ويسكت. وكان معمر يقول : أبو بكر وعمر وعثمان ، ويسكت ، ومثله كان يقول هشام بن حسّان» (٢).
فمن هذا يعرف حال عبد الرزّاق بن همّام ، وحال أهل الكوفه ، ومنه يفهم أنّ المعني الصحيح للتشيّع هو ما ذكرناه ، وإلّا لَما قال ابن عيينه في عبد الرزّاق : «أخاف أنْ يكون من الّذين ضلّ سعیهم في الحياه الدنيا» (٣).
وإلّا لَما قيل بترجمة «اليامی» : «من أهل الكوفه الّذين لا يحمدون علی مذاهبهم»!!
كما يفهم ذلك أيضاً من قول الذهبي بترجمة «محمّد بن فضيل بن غزوان الكوفي» ـ وهو من رجال الصحاح الستّه ـ : «علی تشيّع كان فيه» ، فإنّه وإنْ حاول جعل تشيعه علی حدّ تكلّمه في من حارب أو نازع الأمر عليا ، إلّا أنّه روی عن يحيی الحماني : «سمعت فضيلاً ـ أو حُدّثت عنه ـ قال : ضربت ابني البارحه إلی
__________________
(١) ميزان الاعتدال ٢ : ٥٨٨.
(٢) سير أعلام النبلاء ٩ : ٥٦٩.
(٣) سير أعلام النبلاء ٩ : ٥٧١.