بل أقول : بأنّ ذلك كان أحد الأساليب للإعلان عن العقيده ؛ لأنّ التكلّم في معاوية ينتهی إلی التكلّم في عمر فأبي بكر ..
ولذا قال الذهبي في «يحيی بن عبد الحميد الحماني» ـ بعد قول ابن عدی : لا بأس به ـ : «قلت : إلّا أنّه شيعي بغیض ، قال زياد بن أیوب : سمعت يحيی الحماني يقول : كان معاوية علی غير ملّه الإسلام. قال زياد : كذب عدوّ اللّٰه» (١) ..
ولذا مزّقوا ما كتبوا عمّن روی مثالب معاوية (٢).
ولعلّ هذا الذي ذكرناه هو مرادهم من قولهم بترجمة بعض الأعلام : «فيه تشيّع يفضی به إلی الرفض» (٣).
وكيف يكون المحدِّث ابن أبي دارم الكوفي «مستقیم الأمر عامّه دهره» «ثمّ في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب»؟!
إنّ معني استقامه أمر الرجل أنْ يكون ثقهً صدوقاً في نقله ، وكذلك كان ابن أبي دارم ـ المتوفي سنه ٣٥١ ـ إلّا أنّه من ناحية العقيده كان يعیش في تقیّهٍ عامّه دهره ، فلا يتظاهر بما يخالف عقيده الجمهور ، حتّی آخر أيام حياته ، فلمّا
__________________
تصحيحه علی شرط البخاري ومسلم حديث الطير ونحوه من الأحاديث المعتبره الدالّه علی إمامه أمير المؤمنين عليه السلام ، أو لمجرّد انحرافه عن معاوية وتكلّمه فيه بصراحهٍ ووضوح .. ولكنْ إذا ثبت قول ابن طاهر فيه : «كان شدید التعصّب للشيعه في الباطن ، وكان يظهر التسنّن في التقديم والخلافه» ، وأنّه كان يقول : إنّ عليّاً وصي ، ـ ولهذه الأُمور وغيرها وصفه بعضهم ب : «رافضی خبيث» ـ ؛ كان من القائلين بإمامه مولانا أمير المؤمنين عليه الصلاه والسلام ، وعلی هذا الأساس أورده السيّد رحمه اللّٰه في المائه ، والله العالم.
(١) ميزان الاعتدال ٤ : ٣٩٢.
(٢) انظر مثلاً : ميزان الاعتدال ١ : ٢٧.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٧ : ٥٠٧ ، ترجمة ابن السمسار الدمشقي.