بادَأتُ بها قومی رأيت منهم ما أكره ، فصمتُّ عليها فجاءني جبریل عليه السلام فقال لي : يا محمّد! إنّك إن لم تفعل ما أمرك به رَبُّك عذَّبك ربّك.
قال عليّ : فدعاني فقال : يا عليّ! إنّ اللّٰه قد أمرني أن أنذر عشیرتی الأقربين فعرفت أني إن بادَأتُهم بذلك رأيت منهم ما أكره ، فصمتُّ عن ذلك ، ثمّ جاءني جبریل عليه السلام فقال : يا محمّد! إن لم تفعل ما أُمرتَ به عَذَّبَك رَبُّك.
فاصنع لنا يا عليّ رِجْلَ شاهٍ علی صَاعٍ من طعام ، وأعدَّ لنا عُسَّ لبنٍ ثمّ اجْمَعْ لي بني عبد المطّلب ، ففعلت.
فاجتمعوا له وهم يومئذٍ أربعون رجلاً ، يزیدون رجلاً أو ينقصونه ، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزه والعبّاس وأبو لَهَب الكافِرُ الخبیث ، فقدّمت إليهم تلك الجَفْنَه ، فأخذ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم منها حُذْیَهً فشقَّها بأسنانه ثمّ رمي بها في نواحیها وقال : كلوا باسم اللّٰه ، فأكل القوم حتّی نَهِلوا عنه ما يری إلّا آثار أصابعهم ، والله إن كان الرجل منهم ياكلُ لیشرب مثلها.
ثمّ قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : اسقِهِمْ يا عليّ! فجئت بذلك القَعْبِ فشربوا منه حتّی نَهلُوا جميعاً ، وأیمُ اللّٰه إن كان الرجل منهم لیشرب مثله.
فلمّا أراد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم أن يكلّمَهُمْ بَدَرَهُ أبو لهَبٍ إلی الكلام ، فقال : لهدّما سَحركم صاحبكم. فتفرّقوا ولم يكلّمهم رسول اللّٰه ..
فلمَّا كان الغد ، قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : يا عليّ! عُد لنا بمثل الذي كنت صنعت لنا بالأمس من الطعام والشراب ، فإنّ هذا الرجل قد بدرني إلی ما قد سمعت قبل أن أكلّم القوم ، ففعلت.
ثمّ جمعتهم له ، فصنع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم كما صنع بالأمس ، فأكلوا حتّی نَهِلُوا عنه ، ثمّ سقیتُهُم فشربوا من ذلك القَعْبِ حتّی نَهِلوا عنه ،