علی العافيه.
إن تخصیص العامّ لا يخرجه عن الحجّیه في الباقي إذا لم يكن المخصّص مجملاً ، ولا سیّما إذا كان متّصلاً ـ كما في حديثنا ـ ، فإنّ المولي إذا قال لعبده : أكرم اليوم كلّ من زارني إلّا زیداً ، ثمّ ترك العبد إكرام غير زيد ممّن زار مولاه ، يعدّ في العرف عاصيا ، ويلومه العقلاء ، ويحكمون عليه باستحقاق الذم والعقوبه علی قدر ما تستوجبه هذه المعصیه عقلاً أو شرعاً ، ولا يصغی أحد من أهل العرف إلی عذره لو اعتذر بتخصیص هذا العامّ ، بل يكون عذره أقبح عندهم من ذنبه ، وهذا ليس إلّا لظهور العامّ ـ بعد تخصیصه ـ في الباقي ، كما لا يخفي.
وأنت تعلم إنّ سيره المسلمين وغيرهم مستمرّه علی الاحتجاج بالعمومات المخصّصه بلا نكیر ، وقد مضی الخلف علی ذلك والسلف من الصحابه والتابعين لهم بإحسان وتابعی التابعين وتابعیهم إلی الآن ، ولا سیّما أئمّة أهل البيت وسائر أئمّة المسلمين ، وهذا ممّا لا ريب فيه ، وحسبك به دليلاً علی حجّیه العامّ المخصوص ، ولو لا أنّه حجّه لا نسدّ علی الأئمّة الأربعه وغيرهم من المجتهدين باب العلم بالأحكام الشرعيه الفرعیه عن أدلّتها التفصيلیه ، فإنّ رحی العلم بذلك تدور علی العمل بالعمومات ، وما من عامّ إلاّ وقد خصّ ، فإذا سقطت العمومات ارتج باب العلم ، نعوذ باللّٰه.