الوجه الأوّل : إنّ الحديث في نفسه عامّ كما علمت ، فمورده ـ لو سلّمنا كونه خاصّاً ـ لا يخرجه عن العموم ، لأنّ المورد لا يخصّص الوارد كما هو مقرّر في محلّه ..
ألا تری لو رأيت الجنب يمسّ آيه الكرسی ـ مثلاً ـ ، فقلت له : لا يمسنّ آيات القرآن محدِث ، أيكون هذا خاصّاً بمورده ، أم عامّاً شاملاً لجميع آيات القرآن ولكلّ محدِث؟! ما أظنّ أحداً يفهم كونه خاصّاً بمسّ الجنب بخصوصه لآيه الكرسی بالخصوص ..
ولو رأي الطبیب مریضاً ياكل التمر فنهاه عن أكل الحلو ، أيكون في نظر العرف خاصّاً بمورده ، أم عامّاً شاملاً لكلّ مصادیق الحلو؟! ما أری ـ والله ـ القائل بكونه خاصّاً بمورده إلّا في منتزح عن الأُصول ، بعیداً عن قواعد اللغه ، نائيا عن الفهم العرفي ، أجنبيا عن عالمنا كلّه ، وكذا القائل بتخصیص العموم في حديث المنزله بمورده من غزوه تبوك ، لا فرق بينهما أصلاً.
الوجه الثاني : إنّ الحديث لم تنحصر موارده باستخلاف عليّ علی المدينه في غزوه تبوك ليتشبّث الخصم بتخصیصه به ، وصحاحنا المتواتره عن أئمّة العتره الطاهرة تثبت وروده في موارد أُخر ، فلیراجعها الباحثون ، وسُنن أهل السُنّة تشهد بذلك ، كما يعلمه المتتّبعون ، فقول المعترض بأنّ سياق الحديث دالّ علی تخصیصه بغزوه تبوك ممّا لا وجه له إذن ، كما لا يخفي.
* أمّا قولهم بأنّ العامّ المخصوص ليس بحجّه في الباقي ، فغلط واضح ، وخطأ فاضح ، وهل يقول به في مثل حديثنا إلّا من يعتنف الأُمور ، فيكون منها علی غماء ، كراكب عشواء ، في ليله ظلماء؟! نعوذ باللّٰه من الجهل ، والحمد للّٰه