وقد أورد السيوطي كلام ابن حجر في معرض الردّ علی ابن الجوزي ، قال :
«قلت : قال الحافظ ابن حجر في القول المسدّد في الذبّ عن مسند أحمد : قول ابن الجوزي في هذا الحديث أنّه باطل وأنّه موضوع ، دعویً لم يستدلّ عليها إلّا بمخالفه الحديث الذي في الصحيحين ، وهذا إقدام علی ردّ الأحاديث الصحيحه بمجرّد التوهّم ، ولا ينبغی الإقدام علی حكم بالوضع إلّا عند عدم إمكان الجمع ، ولا يلزم من تعذّر الجمع في الحال أنّه لا يمكن بعد ذلك ؛ لأنّ فوق كلّ ذی علمٍ علیم.
وطريق الورع في مثل هذا أن لا يحكم علی الحديث بالبطلان ، بل يتوقّف فيه إلی أن يظهر لغيره ما لم يظهر له ، وهذا الحديث من هذا الباب ، هو حديث مشهور له طرق متعدّده ، كلّ طريق منها علی انفراده لا تقصر عن رتبه الحسن ، ومجموعها ممّا يقطع بصحّته علی طريقه كثير من أهل الحديث.
وأمّا كونه معارضاً لِما في الصحيحين فغير مسلّم ، ليس بينهما معارضه ....
وها أنا أذكر بقیّه طرقه ثمّ أُبين كيفيه الجمع بينه وبين الذي في الصحيحين ...».
ثمّ قال بعد ذكر طرقٍ للحديث :
«فهذه الطرق المتضافره بروايات الثقات تدلّ علی أنّ الحديث صحيح دلاله قویّه ، وهذه غآيه نظر المحدّث ...فكيف يدّعی الوضع علی الأحاديث الصحيحه بمجرّد هذا التوهّم؟! ولو فتح هذا الباب لردّ الأحاديث لأدّی في كثير من الأحاديث الصحيحه إلی البطلان ، ولكن يابي اللّٰه ذلك والمؤمنون ...» (١).
__________________
(١) اللآلی المصنوعه ١ : ٣٤٧ ـ ٣٥٠.