وأمّا الطريق الثاني ، فقد تكلّموا فيه ل «جابر بن يزيد الجعفي» ، ويكفي أن نورد نصّ كلام الذهبي فيه في ميزان الإعتدال ؛ إذ قال :
«جابر بن يزيد [د ، ت ، ق] بن الحارث الجعفي الكوفي ، أحد علماء الشيعه ، له عن أبي الطفيل ، والشعبی ، وخلق. وعنه : شعبه ، وأبو عوانه ، وعدّه.
قال ابن مهدی ، عن سفيان : كان جابر الجعفي ورعاً في الحديث ، ما رأيت أورع منه في الحديث.
وقال شعبه : صدوق ؛ وقال يحيی بن أبي بكیر ، عن شعبه : كان جابر إذا قال أخبرنا وحدّثنا وسمعت ، فهو من أوثق الناس.
وقال وكيع : ما شككتم في شيء فلا تشكوا أنّ جابراً الجعفي ثقه.
وقال ابن عبد الحكم : سمعت الشافعي يقول : قال سفيان الثوری لشعبه : إنّ تكلّمت في جابر الجعفي لأتكلّمنّ فيك ...» (١).
فإذا كان جابر من رجال ثلاثه من الصحاح ، ثمّ من مشايخ أئمّة ، كالثوری وشعبه وأبي عوانه ، وأنّهم قالوا هذه الكلمات في توثیقه ...فإنّه يكفینا للاحتجاج قطعاً ؛ إذْ ليس عندهم من المحدّثين من أجمعوا علی وثاقته إلّا الشاذ النادر ، فهم لم يجمعوا علی وثاقه مثل البخاري صاحب الصحيح.
علی أنّ ما ذكروه جرحاً فيه فليس من أسباب الجرح والقدح ؛ لأنّ كلمات الجارحين تتلخّص في أنّه : «كان من علماء الشيعه» ، وأنّه كان : «يحدّث بأخبار لا يصبر عنها» في فضل أهل البيت ، وأنّه : «كان يؤمن بالرجعه» ...ولا شيء من هذه الأُمور بقادح ، لا سيّما بالنظر إلی ما تقدّم عن أئمّة القوم من التأكيد علی ورعه في الحديث ، والنهی عن التشكيك في أنّه ثقه ، حتّی أنّ مثل سفيان يقول لمثل شعبه :
__________________
(١) ميزان الاعتدال ١ : ٣٧٩ ـ ٣٨٤.