في تهذيب الكمال للحافظ أبي الحجّاج المزّي ، وفي تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلاني : «قال القاسم : سألت يحيی بن معين عن هذا الحديث ، فقال : صحيح» وكذلك النقل عنه في كلام الخطيب البغدادي ، والجلال السيوطي ، والشوكاني ، والمناوی ، وغيرهم (١).
فإذاً ، يحيی بن معين يقول بصحّه حديث : «أنا مدينه العلم ...».
ومن القائلين بصحّته : ابن جرير الطبري ، في كتابه تهذيب الآثار ؛ قال السيوطي في جمع الجوامع : «وقال ابن جرير : هذا خبر صحيح سنده».
ومنهم : الحاكم صاحب المستدرك ، فإنّه قال : «هذا حديث صحيح الإسناد» ، ثمّ قال : «ولهذا الحديث شاهد من حديث سفيان الثوری بإسناد صحيح ...» (٢).
فلما ذا الكذب علی العلماء وإخفاء الحقائق أو إنكارها؟!
فإنّ الترمذي لم يقل عقیب حديث : «أنا مدينه العلم ...» ذلك ، بل سيأتي أنّ هذا الحديث قد أسقطه القوم من كتابه ؛ فلو كان قد طعن فيه لم يكن حاجه إلی إسقاطه من الكتاب ..
والبخاري إنّما تكلَّم في الحديث الثاني : «أنا دار الحكمه ...» كما في اللآلی المصنوعه والمقاصد الحسنه ؛ فدعوی تكلّمه في حديث : «أنا مدينه العلم ...» كاذبه.
__________________
(١) تهذيب الكمال ١٨ : ٧٧ ، تهذيب التهذيب ٦ : ٢٨٦ ، وانظر : تاريخ بغداد ١١ : ٤٩ ، جمع الجوامع ـ للسيوطي ـ ١ : ٣٣٠ ، فيض القدير شرح الجامع الصغير ٣ : ٤٦ ، الفوائد المجموعه : ٣٤٩.
(٢) المستدرك علی الصحيحين ٣ : ١٢٦ ـ ١٢٧.