أنتم قائلون؟!
قالوا : نشهد أنّ قد بلّغت وجاهدت ونصحت ، فجزاك اللّٰه خيراً.
فقال : أليس تشهدون أن لا إله إلّا اللّٰه ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّ جنّته حقّ ، وأنّ ناره حقّ ، وأنّ الموت حقّ ، وأنّ البعث حقّ بعد الموت ، وأنّ الساعه آتیه لا ريب فيها ، وأنّ اللّٰه يبعث مَن في القبور؟!
قالوا : بلی نشهد بذلك (١).
قال : اللّهمّ اشهد.
ثمّ قال : يا آيها الناس! إنّ اللّٰه مولأي ، وأنا مولي المؤمنين ، وأنا أولي بهم من أنفسهم (٢) ، فمن كنت مولاه ، فهذا مولاه ـ يعني عليا ـ اللّهمّ والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه.
ثمّ قال : يا آيها الناس! إني فرطكم ، وإنّكم واردون عليّ الحوض ، حوض أعرض ممّا بين بصری إلی صنعاء ، فيه عدد النجوم قدحان من فضّه ، وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلین ، كيف تخلفوني فيهما؟ الثقل الأكبر : كتاب اللّٰه عزّ وجلّ ، سبب طرفه بيد اللّٰه تعالی ، وطرفه بأيديكم ، فاستمسكوا به لا تضّلوا ولا تبدّلوا ، وعترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أنّهما لن
__________________
(١) تدبّر هذه الخطبه ، من تدبّرها وأعطی التأمّل فيها حقّه ، فعلم أنّها ترمي إلی أنّ ولآيه عليّ من أُصول الدين ، كما عليه الإماميه ؛ حيث سألهم أوّلاً ، فقال : أليس تشهدون أن لا إله إلّا اللّٰه وأنّ محمّداً عبده ورسوله؟! إلی أن قال : وأنّ الساعه آتیه لا ريب فيها ، وأنّ اللّٰه يبعث من في القبور ، ثمّ عقّب ذلك بذكر الولايه لیعلم أنّها علی حدّ تلك الأُمور التی سألهم عنها فأقرّوا بها ، وهذا ظاهر لكلّ من عرف أساليب الكلام ومغازيه من أُولي الأفهام.
(٢) قوله : وأنا أولي ، قرينة لفظية ، علی أنّ المراد من المولي إنّما هو الأولي ، فيكون المعني : إنّ اللّٰه أولي بی من نفسی وأنا أولي بالمؤمنين من أنفسهم ، ومن كنت أولي به من نفسه فعليّ أولي به من نفسه.