ـ أيام الموسم بعرفات ـ فأشاد بذكر جدّه وأبيه وأُمّه وأخيه ، فلم يسمع سامع بمثله بلیغاً حكيماً يستعبد الأسماع ويملك الأبصار والأفئده ، جمع في خطابه فأوعی ، وتتبّع فاستقصی ، وأدّی يوم الغدير حقّه ، ووفّاه حسابه ، فكان لهذا الموقف العظيم أثره في اشتهار حديث الغدير وانتشاره.
* وإنّ للأئمّة التسعه من أبنائه الميامین طرقاً ـ في نشر هذا الحديث وإذاعته ـ تریك الحكمه محسوسه بجميع الحواس ....
كانوا يتّخذون اليوم الثامن عشر من ذی الحجّه عیداً في كلّ عام ، يجلسون فيه للتهنئه والسرور ، بكلّ بهجه وحبور ، ويتقرّبون فيه إلی اللّٰه عزّ وجلّ بالصوم والصلاه ، والابتهال ـ بالأدعية ـ إلی اللّٰه ، ويبالغون فيه بالبرّ والإحسان ، شكراً لما أنعم اللّٰه به عليهم في مثل ذلك اليوم من النصّ علی أمير المؤمنين بالخلافه والعهد إليه بالإمامه ، وكانوا يصلون فيه أرحامهم ، ويوسّعون علی عيالهم ، ويزورون إخوانهم ، ويحفظون جیرانهم ، ويامرون أولياءهم بهذا كلّه.
* وبهذا كان يوم ١٨ من ذی الحجّه في كلّ عام عیداً عند الشيعه (١) في جميع الأعصار والأمصار ، يفزعون فيه إلی مساجدهم ، للصلاه فریضه ونافله ، وتلاوه القرآن العظيم ، والدعاء بالمأثور ، شكراً للّٰه تعالی علی إكمال الدين وإتمام النعمه ، بإمامه أمير المؤمنين ، ثمّ يتزاورون ويتواصلون فرحين مبتهجین ، متقرّبين إلی اللّٰه بالبرّ والإحسان ، وإدخال السرور علی الأرحام والجیران.
__________________
(١) قال ابن الأثير في عدّه حوادث سنه ٣٥٢ من كامله : وفيها في ثامن عشر ذی الحجّه ، أمر معزّ الدولة بإظهار الزينه في البلد ـ بغداد ـ وأُشعلت النيران بمجلس الشرطه ، وأظهر الفرح ، وفتحت الأسواق بالليل كما يفعل ليالی الأعياد ، فعل ذلك فرحاً بعيد الغدير ـ يعني غدير خمّ ـ وضربت الدبادب والبوقات ، وكان يوماً مشهوداً. انتهی بلفظه في ص ٥٤٩ ج ٨ من تاريخه.