بدعته ويشيّدها (١).
ثمّ إنّ الذهبي قسّم البدعة إلی صغری وكبری ، بمناسبه وصف «أبان بن تغلب» ب : «شيعي جلد ، لكنّه صدوق» ، فقال بأنّ البدعة الصغری تجتمع مع الدين والورع والصدق ، فلو رُدّ حديث هؤلاء لذهب جمله من الآثار النبويّه وهذه مفسده بيّنه ...وهی كغلوّ التشيّع ، أو كالتشيّع بلا غلوّ ولا تحرّف ، والبدعة الكبری كالرفض الكامل والغلوّ فيه والحطّ علی أبي بكر وعمر والدعاء إلی ذلك ، فهذا النوع لا يحتجّ بهم ولا كرامه ، وليس فيه رجل صادق مأمون (٢).
أقول :
قد خصّصنا الفصل الآتی للبحث عن «التشيّع» و «الرفض» وما يتعلّق بذلك ...والكلام الآن في الرواية عن أهل الفرق الأُخری ، الخارجين عن أهل السُنّة!!
قال الذهبي : «هذه مسأله كبيره ، وهی : القدري والمعتزلي والجهمي والرافضي ، إذا عُلم صدقه في الحديث وتقواه ، ولم يكن داعيا إلی بدعته ، فالذي عليه أكثر العلماء قبول روايته ، والعمل بحديثه ، وتردّدوا في الداعيه هل يؤخذ عنه؟ فذهب كثير من الحفّاظ إلی تجنّب حديثه وهجرانه ....
وقال بعضهم : إذا علمنا صدقه وكان داعيةً ووجدنا عنده سُنّة تفرّد بها ، فكيف يسوغ لنا ترك تلك السُنّة؟! فجميع تصرّفات أئمّة الحديث تؤذن بأنّ المبتدع إذا لم تبح بدعته خروجه من دائرة الإسلام ، ولم تبح دمه ، فإنّ قبول
__________________
(١) لسان الميزان ١ : ١١.
(٢) ميزان الاعتدال ١ : ٥ ـ ٦.