هارون لتعادل رؤوس الآي (مِنْ خِلافٍ) أي قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى (وَالَّذِي فَطَرَنا) معطوف على ما جاءنا من البينات ، وقيل : هي واو القسم (هذِهِ الْحَياةَ) نصب على الظرفية أي : إنما قضاؤك في هذه الدنيا (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً) قيل : إن هنا وما بعده من كلام السحرة لفرعون على وجه الموعظة ، وقيل : هو من كلام الله (أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي) يعني ببني إسرائيل ، وأضافهم إلى نفسه تشريفا لهم ، وكانوا فيما قيل ستمائة ألف (يَبَساً) أي يابسا ، وهو مصدر وصف به (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) أي لا تخاف أن يدركك فرعون وقومه ، ولا تخشى الغرق في البحر (ما غَشِيَهُمْ) إبهام لقصد التهويل (وَما هَدى) إن قيل : إن قوله وأضل فرعون قومه يغني عن قوله وما هدى ، فالجواب أنه مبالغة وتأكيد ، وقال الزمخشري : هو تهكم بفرعون في قوله : (وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) [غافر : ٣٨].
(يا بَنِي إِسْرائِيلَ) خطاب لهم بعد خروجهم من البحر ، وإغراق فرعون ، وقيل : هو خطاب لمن كان منهم في عصر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والأول أظهر (وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ) لما أهلك الله فرعون وجنوده أمر موسى وبني إسرائيل أن يسيروا إلى جانب طور سيناء ليكلم فيه ربه ، والطور هو الجبل ، واختلف هل هذا الطور هو الذي رأى فيه موسى النار في أول نبوّته ، أو هو غيره (وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) ذكر في [البقرة : ٥٧] (فَقَدْ هَوى) أي هلك ، وهو استعارة من السقوط من علو إلى سفل (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ) المغفرة لمن تاب حاصلة ولا بد ، والمغفرة للمؤمن الذي لم يتب في مشيئة الله عند أهل السنة ، وقالت المعتزلة : لا يغفر إلا لمن تاب (ثُمَّ اهْتَدى) أي استقام ودام على الإيمان والتوبة والعمل الصالح ، ويحتمل أن يكون الهدى هنا عبارة عن نور وعلم ؛ يجعله الله في قلب من تاب وآمن وعمل صالحا.
(وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى) قصص هذه الآية أن موسى عليهالسلام ، لما أمره الله أن يسير هو وبنو إسرائيل إلى الطور ، تقدم هو وحده مبادرة إلى أمر الله ، وطلبا