خلق الله في الأرض ، ولأن فيها بيت الله ، والمعنى أن الله أقام الحجة على أهل القرى ؛ بأن بعث سيدنا محمدا صلىاللهعليهوسلم في أم القرى ، فإن كفروا أهلكهم بظلمهم بعد البيان لهم ، وإقامة الحجة عليهم (وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ) الآية : تحقير للدنيا وتزهيد فيها وترغيب في الآخرة (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ) الآية : إيضاح لما قبلها من البون بين الدنيا والآخرة ، والمراد بمن وعدناه للمؤمنين ، وبمن متعناه الكافرين ، وقيل : سيدنا محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبو جهل ، وقيل حمزة وأبو جهل ، والعموم أحسن لفظا ، ومعنى من المحضرين أي من المحضرين في العذاب (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ) العامل في الظرف مضمر ، وفاعل ينادي : الله تعالى ، ويحتمل أن يكون نداؤه بواسطة أو بغير واسطة ، والمفعول به المشركون (أَيْنَ شُرَكائِيَ) توبيخ للمشركين ونسبهم إلى نفسه على زعمهم ، ولذلك قال : الذين كنتم تزعمون ، فحذف المفعول وتقديره : تزعمون أنهم شركاء لي أو تزعمون أنهم شفعاء لكم.
(قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا) معنى حق عليهم القول : وجب عليهم العذاب ، والمراد بذلك رؤساء المشركين وكبراؤهم ، والإشارة بقولهم : هؤلاء الذين أغوينا : إلى أتباعهم من الضعفاء ، فإن قيل : كيف الجمع بين قولهم أغوينا وبين قولهم : تبرأنا إليك ، فإنهم اعترفوا بإغوائهم ، وتبرأوا مع ذلك منهم؟ فالجواب أن إغواءهم لهم هو أمرهم لهم بالشرك ، والمعنى أنا حملناهم على الشرك كما حملنا أنفسنا عليه ، ولكن لم يكونوا يعبدوننا إنما كانوا يعبدون غيرنا ، من الأصنام وغيرها فتبرأنا إليك من عبادتهم لنا ، فتحصل من كلام هؤلاء الرؤساء أنهم اعترفوا أنهم أغووا الضعفاء ، وتبرأوا من أن يكونوا هم آلهتهم فلا تناقض في الكلام ، وقد قيل في معنى الآية غير هذا مما هو تكلف بعيد (لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) فيه أربعة أوجه : الأول أن المعنى لو أنهم كانوا يهتدون في الدنيا لم يعبدوا الأصنام ، والثاني لو أنهم كانوا يهتدون لم يعذبوا والثالث لو أنهم كانوا يهتدون في الآخرة لحيلة يدفعون بها العذاب لفعلوا ، فلو على هذه الأقوال حرف امتناع وجوابها محذوف ، والرابع أن يكون لو للتمني : أي تمنوا لو كانوا مهتدين.
(ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) أي هل صدقتم المرسلين أو كذبتموهم؟ (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ) عميت عبارة عن حيرتهم ، والأنباء الأخبار أي أظلمت عليهم الأمور ، فلم يعرفوا ما يقولون (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) أي لا يسأل بعضهم بعضا عن الأنباء لأنهم قد تساووا