لقوله : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) [الحجر : ٩٢] وأن هذا السؤال المنفي السؤال على وجه الاختبار وطلب التعريف ، لأنه لا يحتاج إلى سؤالهم على هذا الوجه ؛ لكن يسألون على وجه التوبيخ ، وحيثما ورد في القرآن إثبات السؤال في الآخرة ، فهو على معنى المحاسبة والتوبيخ ، وحيثما ورد نفيه فهو على وجه الاستخبار والتعريف ، ومنه قوله : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ.) [الرحمن : ٣٩].
(فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) في ثياب حمر ، وقيل : في عبيده وحاشيته ، واللفظ أعم من ذلك (وَيْلَكُمْ) زجر للذين تمنوا مثل حال قارون (وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ) الضمير عائد على الخصال التي دل عليها الكلام المتقدم ، وهو الإيمان والعمل الصالح ، وقيل : على الكلمة التي قالها الذين أوتوا العلم : أي لا تصدر الكلمة إلا عن الصابرين ، والصبر هنا إمساك النفس عن الدنيا وزينتها (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ) روي أن قارون لما بغى على بني إسرائيل وآذى موسى دعا موسى عليهالسلام عليه ، فأوحى الله إليه أن قد أمرت الأرض أن تطيعك فيه وفي أتباعه ، فقال موسى : يا أرض خذيهم ، فأخذتهم إلى الركب فاستغاثوا بموسى فقال : يا أرض خذيهم حتى تمّ بهم الخسف (مَكانَهُ) أي منزلته في المال والعزة (بِالْأَمْسِ) يحتمل أن يريد به اليوم الذي كان قبل ذلك اليوم أو ما تقدم من الزمان القريب (وَيْكَأَنَ) مذهب سيبويه أن وي حرف تنبيه ، ثم ذكرت بعدها كأن ، والمعنى على هذا أنهم تنبهوا لخطئهم في قولهم : يا ليت لنا مثل ما أوتى قارون ، ثم قالوا : كأن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر : أي ما أشبه الحال بهذا ، وقال الكوفيون : ويك هو ويلك حذفت منها اللام لكثرة الاستعمال ، ثم ذكرت بعدها أن ، والمعنى ألم يعلموا أن الله. وقيل : ويكأن كلمة واحدة معناها ألم تعلم.
(عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ) أي تكبرا وطغيانا لا رفعة المنزلة ، فإن إرادتها جائزة (فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ) أي أنزله عليك وأثبته ، وقيل المعنى أعطاك القرآن ، والمعنى متقارب ، وقيل فرض عليك أحكام القرآن ، فهي على حذف مضاف (لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) المعاد الموضع