فإن الله لا تنفعه طاعة العباد ، والجهاد هنا يحتمل أن يراد به القتال ، أو جهاد النفس (حُسْناً) منصوب بفعل مضمر تقديره : ووصينا الإنسان أن يفعل بوالديه حسنا ، أو مصدرا من معنى وصينا أي وصية حسنة (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي) الآية نزلت في سعد بن أبي وقاص ، وأنه لما أسلم حلفت أمه : أن لا تستظل بظل حتى يكفر ، وقيل : نزلت في غيره ممن جرى له مثل ذلك ، فأمرهم الله بالثبات على الإسلام ، وألا يطيعوا الوالدين إذا أمروهم بالكفر ، وعبّر عن أمر الوالدين بالجهاد مبالغة.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) نزلت في قوم كانوا مؤمنين بألسنتهم ، فإذا عذبهم الكفار رجعوا عن الإيمان ، فإذا نصر الله المؤمنين قالوا : إنا كنا معكم ، فمعنى أوذي في الله أوذي بسبب إيمانه بالله ، وفتنة الناس ، تعذيبهم ، وقيل : نزلت في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه (اتَّبِعُوا سَبِيلَنا) أي قال الكفار للمؤمنين : اكفروا كما كفرنا ، ونحمل نحن عنكم الإثم والعقاب إن كان ، وروي أن قائل هذه المقالة الوليد بن المغيرة حكاه المهدوي ، وقولهم : ولنحمل خطاياكم : جزاء قولهم : اتبعوا سبيلنا ، ولكنهم ذكروه على وجه الأمر للمبالغة ، ولما كان معنى الخبر صحة تكذيبهم فيه أخبره الله أنهم كاذبون : أي لا يحملون أوزار هؤلاء ، بل يحملون أوزار أنفسهم وأوزار أتباعهم من الكفار.
(فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) الظاهر أنه لبث هذه المدة بعد بعثه ، ويحتمل أن يكون ذلك من أول ولادته ، وروي أنه بعث وهو ابن أربعين سنة ، وأنه عمر بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة فإن قيل : لم قال ألف سنة ، ثم قال إلا خمسين عاما؟ فاختلف اللفظ مع اتفاق المعنى؟ فالجواب أن ذلك كراهة لتكرار لفظ السنة ، فإن التكرار مكروه إلا إذا قصد به تفخيم أو تهويل (وَجَعَلْناها آيَةً) يحتمل أن يعود الضمير على السفينة ، أو على النجاة ، أو على القصة بكمالها (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) هو من الخلقة يريد به