هاجرتم من بلدكم (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) في الموضعين : إقامة حجة عليهم (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) أي كيف يصرفون عن الحق.
(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) حمدا لله على ظهور الحجة ، ويكون المعنى إلزامهم أن يحمدوا الله لما اعترفوا أنه خلق السموات والأرض (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) إضراب عن كلام محذوف تقديره : يجب عليهم أن يعبدوا الله لما اعترفوا به ولكنهم لا يعقلون (لَهِيَ الْحَيَوانُ) أي الحياة الدائمة التي لا موت فيها ، ولفظ الحيوان مصدر كالحياة (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ) الآية : إقامة حجة عليهم بدعائهم حين الشدائد ، ثم يشركون به في حال الرخاء. (لِيَكْفُرُوا) (١) أمر على وجه التهديد ، أو على وجه الخذلان والتخلية ، كما تقول لمن تنصحه فلا يقبل نصحك : اعمل ما شئت (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً) الضمير لكفار قريش ، والحرم الآمن : مكة ، لأنها كانت لا تغير عليها العرب كما تغير على سائر البلاد ، ولا ينتهك أحد حرمتها (وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) عبارة عما يصيب غير أهل مكة من القتال أو أخذ الأموال (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا) يعني : جهاد النفس من الصبر على إذاية الكفار واحتمال الخروج عن الأوطان وغير ذلك ، وقيل : يعني القتال ، وذلك ضعيف لأن القتال لم يكن مأمورا به حين نزول الآية (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) أي لنوفقنهم لسبيل الخير (وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) المعنى أنه معهم بإعانته ونصره.
__________________
(١). اللام في ليكفروا : قرأها ابن كثير وحمزة والكسائي وقالون قرءوها بالسكون أي جعلوها لام الأمر.
وكذلك قوله : وليتمتعوا. وقرأ نافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر بكسر اللام فب الكلمتين ، وجعلوها لام كي. وقد رجح الطبري القراءة الأولى من باب التهديد والوعيد.