ذلك مثل البهائم ، وقيل : الظاهر ما يعلم بالنظر بأوائل العقول ، والباطن ما يعلم بالنظر والدليل ، وقيل : هو من الظهور بمعنى العلو في الدنيا ، وقيل : ظاهر بمعنى زائل ذاهب ، والأظهر أنه أراد بالظاهر المعرفة بأمور الدنيا ومصالحها ، لأنه وصفهم بعد ذلك بالغفلة عن الآخرة ، وذلك يقتضي عدم معرفتهم بها ، وانظر كيف نفى العلم عنهم أولا ، ثم أثبت لهم العلم بالدنيا خاصة ، وقال بعض أهل البيان : إن هذا من المطابقة لاجتماع النفي والإثبات ، وجعل بعضهم العلم المثبت كالعدم لقلة منفعته ، فهو على هذا بيان للنفي (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) يحتمل معنيين : أحدهما أن تكون النفس ظرفا للفكرة في خلق السموات والأرض كأنه قال : أو لم يتفكروا بعقولهم فيعلموا أن الله ما خلق السموات والأرض إلا بالحق ، والثاني أي يكون المعنى أو لم يتفكروا في ذواتهم وخلقتهم ليستدلوا بذلك على الخالق ، ويكون قوله : ما خلق الآية : استئناف كلام ، والمعنى الأول أظهر (وَأَثارُوا الْأَرْضَ) أي حرثوها (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى) معنى السوءى : هلاك الكفار ، ولفظ السوءى تأنيث الأسوأ : كما أن الحسنى تأنيث الأحسن ، وقرأ [أهل الحجاز والبصرة] عاقبة بالرفع على أنه اسم كان ، والسوءى خبرها ، وقرئ (١) بنصب عاقبة على أنها خبر كان ، والسوءى اسمها ، وأن كذبوا مفعول من أجله ، ويحتمل أن تكون السوءى مصدر أساءوا (يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) الإبلاس الكون في شر مع اليأس من الخير (يَتَفَرَّقُونَ) معناه في المنازل والجزاء (تُحْبَرُونَ) تنعمون من الحبور وهو السرور والنعيم ، وقيل : تكرمون.
(فَسُبْحانَ اللهِ) هذا تعليم للعباد أي : قولوا سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون (وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) أي حين تدخلون في وقت الظهيرة وهي وسط النهار ، وقوله : وله الحمد في السموات والأرض : اعتراض بين المعطوفات وقيل : أراد بذلك الصلوات الخمس ، فحين تمسون : المغرب والعشاء ، وحين تصبحون : الصبح ، وعشيا : العصر ، وحين تظهرون الظهر (يُخْرِجُ الْحَيَ) ذكر في آل عمران (وَيُحْيِ الْأَرْضَ) أي ينبت فيها النبات (وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ)
__________________
(١). وقرأ أهل الكوفة والشام.